للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قولهُ: (وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ (١) فَالدِّيَاتُ عِنْدَهُ اثْنَانِ أَيْضًا: دِيَةُ الْخَطَإِ، وَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ).

الإمام أبو حنيفةَ -رحمه الله- يرى أيضًا أنَّ الدِّيةَ نوعان: دِيَةُ الخطأِ، ودِيَةُ شِبهِ العمدِ. فأمَّا العمدُ: فيرى أنَّ الأصلَ فيه القَوَدُ (٢)، والنزولُ عن القَوَدِ إنَّما هو صلحٌ، لكنَّه في النِّهايةِ ينتهي إلى مذهبِ الجمهورِ.

* قولُه: (وَلَيْسَ عِنْدَهُ دِيَة فِي الْعَمْدِ، وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ عِنْدَهُ فِي الْعَمْدِ مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ، وَهُوَ حَالٌّ عَلَيْهِ غَيْرُ مُؤَجَّلٍ (٣)، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمَشْهُورِ (٤) لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ تَلْزَمْهُ الدِّيَةُ عِنْدَهُ إِلَّا بِاصْطِلَاحٍ، فَلَا مَعْنَى لِتَسْمِيَتِهَا دِيَةً إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْهُ (٥) أَنَّهَا تَكُونُ مُؤَجَّلَةً كَدِيَةِ الخَطَأِ، فَهُنَا يَخْرُجُ حُكْمُهَا عَنْ حُكْمِ الْمَالِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ).

وهذا هو قولُ العلماءِ -كما قلتُ لكم- يُرجع إليه، يعني: ديةُ العمدِ


(١) يُنظر: "تحفة الفقهاء" للسمرقندي (٣/ ١٥١)؛ حيث قال: "أما القتل الموجب للمال فأنواع: عمد محض فيه شبهة، وشبه العمد، وقتل الخطأ، والقتل بطريق التسبيب ".
(٢) القود: القصاص، وأقدت القاتل بالقتيل، أي: قتلته به. انظر: "الصحاح" للجوهري (٢/ ٥٢٨١).
(٣) يُنظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (١٣/ ٢١٣)؛ حيث قال: "وكل عمد سقط القصاص فيه بشبهة فالدية في مال القاتل، وكل أرش وجب بالصلح فهو في مال القاتل … وهذا عمد غير أن الأول يجب في ثلاث سنين؛ لأنه مال وجب بالقتل ابتداء، فأشبه شبه العمد، والثاني يجب حالًّا؛ لأنه مال وجب بالعقد فأشبه الثمن في البيع ".
(٤) يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد (١٥/ ٣٤٣)؛ حيث قال: "وأما دية العمد، فليست بموقتة ولا بمعلومة … تقع على القليل والكثير، فإن اصطلحوا على الدية مبهمة، فإنها تكون حالة في مال القاتل ".
(٥) يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد (١٥/ ٤٣٥)؛ حيث قال: "وأما الدية المغلظة في مثل ما صنع المذحجي بابنه، وفي شبه العمد على مذهب من يراه من أهل العلم، وهو قول مالك في رواية العراقيين … وقد كان ابن القاسم يقول: إنها على العاقلة كهيئة دية الخطأ. حكى ذلك عنه ابن حبيب ".

<<  <  ج: ص:  >  >>