للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُبَّما لم يكن قد وقفَ على جملةٍ من الأحاديثٍ فرآها، لذلك اشتُهِرَ عنه أنَّه قال: "إذا صحَّ الحديثُ فهو مذهبي "، فكان مذهبُهُ في مصرَ هو الذي يُسمَّى بالمذهب الجديدِ، لكن وُجِدتْ مسائلُ في القديمِ رجَّحها الشافعيةُ، وهي محدودةٌ لا تتجاوز عشرَ مسائلَ (١)، لكن أحيانًا عندما تنظرُ تجدُ أيضًا أنَّ في مذهبهِ القديمِ غيرَ ما رجَّحَهُ الشافعيةُ هي الأرجحُ؛ لأنَّها تلتقي مع رأي لأَحدِ الأئمةِ أوْ لأكثر من إمام، وهناك دليل يَعضُدُها ويؤيِّدُها.

* قولُهُ: (وَقَوْلُهُ بِالْعِرَاقِ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ) (٢).

يعني قولُهُ بالعراقِ الذي هو القديمِ؛ لأنَّه اعتبرَ أنَّ الإبلَ أصلٌ.

وللحنابلةِ (٣) روايةٌ وافقوهُ في أنَها الأصلُ، لكنهم اختلفوا بأنَّها لا تكون مقياسًا، فلو أُخِذَ من الدَّراهمِ أوِ الدَّنانيرِ فذلك جائز. فتُقَوَّمُ بالإبل؛ لأنها الأصلُ، فإذا لم تكن هناك إبلٌ قُوِّمت الدية بقيمة الإبلِ، أي: باثني عشر ألف مثلًا وقد تقلُّ عنها، ورُبَّما تزيدُ عن ألفِ دِينارٍ، فاعتُبِرَت الإبلُ


= مصر والعراق!! ولكن كما قال تلميذه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لما قيل له: "ما ترى في كتب الشافعي التي عند العراقيين أحب إليك، أم التي عند المصريين؟ قال: عليك بالكتب التي وضعها بمصر، فإنه وضع هذه الكتب بالعراق، ولم يحكمها، ثم رجع إلى مصر فأحكم ذلك ". انظر: "مناقب الإمام الشافعي" للبيهقي (١/ ٢٦٣).
(١) قال النووي في "المجموع" (١/ ٦٦): "كل مسألة فيها قولان للشافعي رحمه الله قديم وجديد؛ فالجديد هو الصحيح، وعليه العمل؛ لأن القديم مرجوع عنه، واستثنى جماعةٌ من أصحابنا نحو عشرين مسألة أو أكثر، وقالوا: يفتى فيها بالقديم. وقد يختلفون في كثير منه ".
(٢) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٢/ ٢٢٧)؛ حيث قال: "ثم اختلف في كيفية العدول عن الإبل إليها على قولين؛ أحدهما: وبه قال في القديم، إنها تعتبر من الدنانير والدراهم عند إعواز الإبل بدلًا من النفس، ولا تكون بدلًا من الإبل، فتكون الدية من الذهب ألف دينار، ومن الورق اثني عشر ألف درهم ".
(٣) يُنظر: "الفروع" لابن المفلح (٩/ ٣٤٧)؛ حيث قال: "وعنه: الأصل الإبل، فإن تعذرت قال جماعة: أو زاد ثمنها انتقل عنها إلى الباقي ".

<<  <  ج: ص:  >  >>