ترك على ما كانت، ولكنَّهُ غيَّرَ في دِيَةِ المسلمين.
هل فِعْلُ عمرَ ذاك يُعتَبرُ مُخالِفًا لِمَا كان في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ هو اجتهد في هذا الأمر، وكما هو معلوم بأنَّ عُمرَ اجتهد في مسائلَ كثيرةٍ وغيَّرَ فيها، وأنَّ الصحابةَ عندما جاؤوا إلى حدِّ الخمرِ، اجتمع الصحابةُ واستشارهم، فكان هناك رأيٌ لعلي وعبدِ الرَّحمنِ بن عَوفٍ -رضي الله عنهما- بأنَّه إذا سَكِرَ هذى، وإذا افترى قَذَفَ؛ فيُقامُ عليه حدُّ القذفِ، فأدنى الحدودِ وأقلُّها هو حدُّ القذفِ، {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}[النور: ٤] فقرَّروا ذلك (١).
أيضًا عثمانُ -رضي الله عنه- اتسعتِ المدينةُ في زمنهِ، فلمَّا اتسعتِ المدينةُ (لم يكن هناك إلَّا أذانٌ واحدٌ في زمن رسول الله وأبي بكرٍ وعمرَ) .. لمَّا امتدتِ المدينةُ واتسعتْ؛ زادَ النداءَ الثانيَ على الزوراء .. لم يكن هناك إلا نداء واحد إذا جلس الإمامُ على المنبر، لكن رأى أنَّ المدينةَ امتدَّتْ
(١) أخرجه الدارقطني في سننه (٤/ ١٩٦) عن ابن وبرة الكلبي، قال: (أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر، فأتيته ومعه عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وعلي، وطلحة، والزبير، وهم معه متكئون في المسجد، فقلت: إن خالد بن الوليد أرسلني إليك وهو يقرأ عليك السلام، ويقول: إن الناس قد انهمكوا في الخمر، وتحاقوا العقوبة فيه، فقال عمر: "هم هؤلاء عندك فسلهم". فقال علي: "نراه إذا سكر هذى، وإن هذى افترى، وعلى المفتري ثمانين". فقال عمر: "أبلغ صاحبك ما قال". قال: فجلد خالد ثمانين جلدة، وجلد عمر ثمانين. قال: وكان عمر إذا أتي بالرجل الضعيف الذي كانت به الذلة ضربه أربعين، قال: وجلد عثمان أيضا ثمانين وأربعين). وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٠٤٤).