للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قولُهُ: (وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى أَنَّهَا لَا نَحْمِلُ مَنْ أَصَابَ نَفْسَهُ خَطَأً (١)، وَشَذَّ الأَوْزَاعِيُّ (٢) فَقَالَ: مَنْ ذَهَبَ يَضْرِبُ الْعَدُوَّ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِي قَطْعِ الأَعْضَاءِ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا فَقَأَ عَيْنَ نَفْسِهِ خَطَأً، فَقَضَى لَهُ عُمَرُ بِدِيَتِهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ) (٣).

يستدلون بقصَّةِ الذي ضرب شيئًا فأذهبَ عينَه، فقالوا: "لم تُؤمر العاقلةُ بدِيَةِ العينِ". يعني: هذا الأثرُ هو الذي يستدلُّون به على هذه المسألة التي أشار إليها المؤلِّفُ، وكما مرَّ سابقًا أن القتلَ ثلاثة أنواع:


= به غير مؤاخذ، لعجز بنيته عن حفظه … فإن ذلك من العبد غير معصية، وهو به غير آثم، فذلك الذي لا وجه لمسألة العبد ربه أن يغفره له؛ لأنه مسألة منه له أن يغفر له ما ليس له بذنب، وذلك مثل الأمر يغلب عليه وهو حريص على تذكره وحفظه، كالرجل يحرص على حفظ القرآن بجِد منه فيقرؤه ثم ينساه بغير تشاغل منه بغيره عنه". انظر: "جامع البيان" للطبري (٥/ ١٥٥).
(١) هو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن أحمد.
يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (٢٦/ ١١٢)؛ حيث قال: "ومن قتل نفسه كان دمه هدرًا".
وينظر: "التاج والإكليل" للمواق (٦/ ٢٦٨)؛ حيث قال: "لا تعقل العاقلة من قتل نفسه عمدًا ولا خطأ".
وينظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٢/ ٣٥٧)؛ حيث قال: "فأما إذا جنى على نفسه خطأ، فقطع يده بانقلاب سيفه عليه، أو قتل نفسه بعود سهمه إليه، فجنايته هدر كالعمد، في قول أكثر الفقهاء، وعاقلته براء من ديته".
وينظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ٣٨٧)؛ حيث قال: "وإن جنى الرجل على نفسه خطأ، أو على أطرافه، ففيه روايتان. قال القاضي: أظهرهما أن على عاقلته ديته لورثته إن قتل نفسه".
(٢) يُنظر: "مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي (٥/ ١١٤)؛ حيت قال: "وقال الأوزاعي لو أن رجلًا ذهب يضرب بسيفه في العدو فأصاب نفسه، فعلى عاقلته الدية".
(٣) قال ابن المنذر: "وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه جعل دية رجل ساق حمارًا فضربه بعصا معه، فطارت منه شظية فأصابت عينه ففقأها، على عاقلته. قال: هي يد من أيدي المسلمين، لم يصبها اعتداء على أحد". انظر: "الأوسط" (١٣/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>