للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رفعوه إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وفيه كلامٌ (١).

إذنْ عرفنا بأنَّ دِيَةَ العمدِ يتحمَّلُها الجاني القاتلُ، ولا عَلاقةَ بالعاقلةِ، كما أورد المؤلِّفُ قولَ اللَّهِ تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤]).

"من جنى فعليه جنايتُه"، لكنَّ المخطئ يقول الله تعالى في شأنِهِ: ({رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]).

ويقول النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" (٢).

فالخطأُ يقعُ من كل إنسانٍ، وكُلُّنا بشرٌ، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- نَسِيَ في الصَّلاة، وكذلك نَسِيَ آدمُ ونسيت ذريته، ورُبَّما يُخطِئُ الإنسانُ في أمرٍ من الأمورِ؛ لأنَّه لا يريدُ أن يقعَ في ذلك المحظور، ولا في ذلك الممنوع، لكنَّه وقع فيه (٣).


(١) قال ابن حجر: وقال الرافعي في أواخر الباب: هذا الحديث تكلموا في ثبوته. وقال ابن الصباغ: لم يثبت متصلًا؛ وإنما هو موقوف على ابن عباس، انتهى. وفي جميع هذا نظر، فقد روى الدارقطني والطبراني في "مسند الشاميين" من حديث عبادة بن الصامت: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَا تَجْعَلُوا عَلَى العَاقلَةِ مِنْ دِيَةِ الْمعترفِ شَيْئًا"، وإسناده واهٍ. انظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (٤/ ٩٤).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٠٤٥)، وصححه الألباني بمجموع طرقه في "إرواء الغليل" (٨٢).
(٣) قال الطبري: "إن قال لنا قائل: وهل يجوز أن يؤاخذ الله عَزَّ وَجَلَّ عباده بما نسوا أو أخطأوا، فيسألوه أن لا يؤاخذهم بذلك؟ قيل: إن (النسيان) على وجهين:
١ - أحدهما على وجه التضييع من العبد والتفريط.
٢ - والآخر على وجه عجز الناسي عن حفظ ما استحفظ ووكل به، وضعف عقله عن احتماله.
فأما الذي يكون من العبد على وجه التضييع منه والتفريط، فهو تركٌ منه لما أمر بفعله.
فذلك الذي يرغب العبد إلى الله عَزَّ وَجَلَّ في تركه مؤاخذته به … وأما الذي العبدُ=

<<  <  ج: ص:  >  >>