للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الله سبحانه وتعالى عندما أمر عبادَه بأمورٍ، ونهاهم عن أُخرى، إنَّما وضع اللهُ سبحانه وتعالى لذلك روابط، وهناك ما يُعرف بالتكليف، فالمُكلَّفُ هو البالغُ العاقلُ، أمَّا الصبيُّ الذي لم يبلغ؛ فقد عرفنا علامات البلوغ، فهذا يُعتَبرُ مُكلَّفًا، وكذلك أيضًا من زال عقلهُ؛ فإنَّه لا يكون مُكلَّفًا؛ لأنَّ ذلك قد سُلِبَ عنه العقلُ الذي يُدرِكُ به ويميِّزُ بين النافع والضَّارِّ، فلو قُدِّرَ أنَّ صبيًّا قتل، أوْ مجنونًا؛ فإنَّه لا يُقتل بذلك الفعل، لكن هناك ضوابط تكلَّم عنها العلماءُ وحدَّدوها.

إذنْ إذا لم يكن هناك قتلٌ، فلا بُدَّ من دِيَةٍ، وسيأتي الكلام تفصيلًا عن إذا كانت هناك دِيَةٌ؛ فهل هي على العاقلة أمْ في مال الصبيِّ -إنْ كان له مالٌ - أمْ في مال المجنون؟

* قولُهُ: (فَقَالَ مَالِكٌ (١)، وَأَبُو حَنِيفَةَ (٢) وَجَمَاعَةٌ (٣): "إِنَّهُ كُلُّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْعَاقِلَةِ").

كذلك الإمامُ أحمدُ (٤).

هؤلاء الأئمةُ الثلاثةُ قالوا: "دِيَةُ الصَّبيِّ والمجنونِ تكونُ على العاقلة". وسنعرف بعد قليل مَنِ المراد بالعاقلة.


(١) يُنظر: "حاشية العدوي على كفاية الطالب" (٢/ ٣٠٩)؛ حيث قال: "وعمد الصبي كالخطأ في نفي القصاص ظاهره كالمدونة مميزًا كان أو غيره (وذلك)، أي: ما جناه في العمد والخطأ تجب ديته على عاقلته".
(٢) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ١٣٤)؛ حيث قال: "وعمد الصبي والمجنون خطأ، وفيه الدية على العاقلة".
(٣) مثل عبد الله بن الزبير.
يُنظر: "الإشراف في مذاهب العلماء" لابن المنذر (٧/ ٤٤٤)؛ حيث قال: "قالت طائفة: عمد الصبي في ماله، وكذلك المجنون .. روينا عن عبد الله بن الزبير أنه قال: جناية المجنون في ماله".
(٤) يُنظر. "المغني" لابن قدامة (٨/ ٣٨٣)؛ حيث قال: "وعمد الصبي والمجنون خطأ تحمله العاقلة".

<<  <  ج: ص:  >  >>