للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرق بين الأنواع؛ لأنَّ المتعمِّدَ إنَّما هو تعمَّد الفعل، وتعمَّد القتلَ، فإنسانٌ بينه وبين آخرَ عداوةٌ، فحمل سلاحًا فقتله، فقد تعمَّد هذا الفعلَ، وتعمَّدَ القتلَ .. لكنَّ إنسانًا ذهب ليؤدِّبَ آخرَ، أو يمازحَه، أو نحو ذلك، ثم هو قصدَ الفعلَ أنَّه لم يقصدْ قتله فحصل القتل؛ هذا نقول: شِبهُ عمدٍ. أمَّا الذي لا يقصد فعلًا ولا قتلًا أصلًا؛ وإنَّما حصل ذلك قضاءً وقدرًا، هذا نُسمِّيه مخطئًا، وهذا المخطئُ يحتاج إلى مساواة، وإلى تخفيف، وتسلية. ولذلك نجد أنَّ هذه الشريعةَ الإسلاميةَ الغرَّاء راعت ظرفه ووضعه، فقالت: ينبغي أن تتجمع عصبته، فتتحمَّل ذلك.

والعلماء ليسوا متفقين تمامًا على المراد بالعصبة، هل هم عصبةُ الميراث؟ أو هم أهل الدِّيوان؟ وإن كانوا عصبة الميراثِ؛ فهل كل وارث من العصبة يدخل؟ في ذلك خلاف هذا سيأتي إن شاء الله.

* قوله: (وَأَمَّا مَنْ هُمُ الْعَاقِلَةُ).

العاقلة من العقل وهو المنع؛ لأنَّ هذه العاقلةَ هي منعت عن القاتل، كأنَّها منعتْ عنه القتلَ، بمعنى أنَّها دفعت الدِّيَةَ.

وسمُّوا عاقلةً؛ لأنَّهم يعقلون عن المقتول، أي: يمنعون عنه.

إذنْ معنى العقلُ هو المنعُ، وكذلك العقلُ نفسُهُ الذي نعرفه يمنع الإنسانَ من الوقوع في الأخطاء منِ ارتكاب المحارم، من ارتكاب المنهيات، ولذلك إذا سَكِرَ الإنسانُ هذى، وإذا هَذَى افترى (فقَدَ عقلَهُ)، فرُبَّما وقع في جناية أو أكثر؛ لأنَّه فَقدَ هذه النِّعمة العظيمة التي منحها اللهُ -تعالى- إيَّاه، وميَّزه بها عن سائر الحيوان، فإذا ضيَّع هذه النِّعمة؛ انحطَّ إلى درجة الحيوان، فكأنَّ ذلك العقلَ الذي يمنعه من ارتكاب ما لا يجوز زال، فأصبح -أيضًا- لا يوجد هناك سِياجٌ مانعٌ يحولُ بينه وبين بعض الأمور، فيستغله الشيطان، فيجُرَّهُ إلى المهالك وإلى الويلات.

<<  <  ج: ص:  >  >>