للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قولُه: (فَإِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ (١) اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ هِيَ الْقَرَابَةُ مِنْ قِبَلِ الأَبِ وَهُمُ الْعَصَبَةُ).

الذين هم العصبة، نحن لمَّا درسنا الفرائضَ قلنا: هناك عصبةٌ، وهناك أهلُ فرضٍ، وعرفنا هناك ذوي الأرحام .. وهل ذوي الأرحام يرثون؟ رأينا هناك أن كثيرًا من العلماء لا يُوَرِّثونَهم، ثم رأينا هناك نوعًا من التعصيب بالولاء، وهو المُعتِقُ، أعتقَ إنسانٌ آخرَ فكانت هذه نعمةٌ له؛ لأنَّه حرَّرهُ من الرِّقِ، ونقلَهُ من حالةٍ، كأنْ لمْ يكنْ موجودًا فيها إلى أن أصبحَ إنسانًا حُرًّا يتمتعُ بكاملِ الحُرِّية كغيره، وذلك استحَقَّ على هذه النِّعمة وعلى هذا الفضل الذي قدَّمهُ له؛ أن يكون له مولى.

وكذلك أيضًا يدخل في العصبة، وسيأتي الخلافُ أيضًا في المراد بالعصبة، وكذا العاقلة، وهل هما بمعنًى واحدٍ؟ أو هم أهل الديوان؟ والذي دوَّن الدواوين هو عُمَرُ -رضي الله عنه-، فلم يكن ذلك في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا في زمن أبي بكرٍ -رضي الله عنه-، ثم أيضًا عندما نعودُ إلى مذهب الجمهور بأنَّ أهلَ العقل أو العاقلة هم العصبةُ، سنجدهم يختلفون أيضا في دخول الآباء والأبناء؛ لأنَّهم إذا كانوا من قِبَلِ الأب يكونون عصبة، وإذا رجعنا إلى ما درسناهُ في كتاب المواريث، نجدُ أَن العصبة هم: الآباءُ وإنْ عَلَوا، والأبناءُ وإنْ نزلوا، ثم أيضًا نقول: همُ الآباءُ، وكذلك أبناؤُهم؛ فأبناءُ الآباءِ هم الإخوة، وأبناؤُهم، أي: أبناء الإخوة، وأبناءُ الجدِّ هم الأعمامُ، وأبناؤُهم هم أبناء العم، وهكذا، فهؤلاء هم العصبة، فهل يدخلُ في ذلك الأبُ وإنْ علا؟ أو الابنُ وإنْ نزلَ؟ فيه خلاف في المذهبين الشافعيِّ والحنبليِّ، سنشيرُ إليهما إن شاء الله.


(١) يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٨/ ٤٥)؛ حيث قال: "وهي العصبة، وبدئ بالديوان إن أعطوا ثم بها الأقرب فالأقرب (ش) مراده أن العاقلة عدة أمور: العصبة، وأهل الديوان، والموالي، وبيت المال؛ فقوله: (وهي العصبة)، أي: بعض العاقلة العصبة، أو وهي العصبة ومن بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>