للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأوجبها الشافعي وأبو حنيفة (١)، وأحمد (٢) في العمد.

وسبب الاختلاف في هذا أن الله تعالى عندما ذكر آية العمد لم يذكر كفارة قال -سبحانه وتعالى-: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} [النساء: ٩٣].

القائلون بأن لا كفارة في العمد، قالوا بأن الآية لم تذكر الكفارة، وعلى هذا فلا كفارة.

في حين استدل القائلون بوجود الكفارة في العمد بقصة الرجل الذي جيء به إلى رسول الله وقد قُتِلَ، فقال: "أعتقوا عنه رقبة؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- يعتق عنه بكل عضو منها عضوًا من النار" (٣).

ثم إن الذين قالوا بالكفارة في العمد قاسوه على الخطأ الذي فيه كفارة، فذنب مرتكب العمد من غير شك أكبر وخطيئته أعظم، والله تعالى توعده بأن يعذبه بنار جهنم.

وإن كان عبد الله بن عباس يرى أن من يقتل عمدًا لا كفارة له؛ لأنه لا تقبل توبته، وأنه يخلد في النار باعتبار أن الآية من أواخر ما نزل من القرآن، وأنها ليست منسوخة، إلا أن الجمهور يرون أن من يَقْتُل عمدًا


(١) مذهب الحنفية عدم وجوب الكفارة في العمد،
يُنظر: "مختصر القدوري" (٧/ ٢٥١) حيث قال: "فالعمد: ما تعمد ضربه بسلاح أو ما أجزي مجرى السلاح في تفريق الأجزاء كالمحدد من الخشب والحجر والنار وموجب ذلك المأثم والقود إلا أن يعفو الأولياء ولا كفار فيه".
(٢) مذهب الحنابلة أنها واجبة في الخطأ دون العمد.
يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٣٢٨) حيث قال: " (وتلزم) الكفارة، (كاملة في مال قاتل لم يتعمد) القتل بأن قتل خطأ أو شبه عمد؛ للآية، وألحق بالخطأ شبه العمد؛ لأنه في معناه بخلاف العمد المحض".
(٣) أخرجه أبو داود (٣٩٦٤) وغيره، عن واثلة بن الأسقع، قال: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صاحب لنا أوجب - يعني النار - بالقتل، فقال: "أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضوًا منه من النار". وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>