للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إِنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ: الوِتْرُ، جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ العِشَاءِ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الفَجْرُ" (١).

وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الوَتْرُ حَقٌّ، فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا" قَالَهَا ثَلَاثًا (٢).

فهذه الأحاديث وغيرها يستدلُّ بها الحنفية على أن الوتر زِيدَ على الصلوات الخمس، وهذه الزيادة يختص بها الوتر، فدلَّ ذلك على أنَ الوتر واجبٌ.

* أما جمهور العلماء فيقولون: لا يلزم من الزيادة أن تدل على الوجوب، والزيادة لا تختص بها الواجبات؛ لأن الزيادة قد تكون في السنن، كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللهَ -عز وجل- زَادَكُمْ صَلَاةً إِلَى صَلَاتِكُمْ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، أَلَا وَهِيَ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الفَجْرِ" (٣)، وهذا الحديث أصحُّ من الحديث الذي أورده الحنفية، فهذه زيادةٌ، ولم يقل أحد من العلماء ومنهم الحنفية: إن الركعتين قبل الفجر واجبتان، وإنما هي سنة مؤكدة أرشد إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضمن العشر أو الاثني عشر ركعة التي نبَّه عليها وعدَّها، فهذا دليل على أنه لا يلزم من الزيادة أن تكون في الواجبات.

وأيضًا قد تكلم العلماء عن هذه الأحاديث من حيث سندها؛ لكنها إذا اجتمعت ارتقت إلى الحسن؛ لكنها ليست دليلًا على الوجوب.

وقضية الوتر حق؛ فلا شكَّ في ذلك؛ لكن ليس معنى هذا أنه واجب.


(١) أخرجه أبو داود (١٤١٨)، والترمذي (١٤١٨) واللفظ له، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٤٢٣) دون قوله: "هي خير لكم من حمر النعم".
(٢) أخرجه أبو داود (١٤١٩) وغيره، وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (٤١٧).
(٣) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٦٥٩) وجود إسناده الألباني في "الصحيحة" (١١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>