للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا مما يدلُّ على عدم وجوب الوتر أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صلَّى الوتر على الراحلة (١) من غير ضرورة، فيضاف هذا الدليل إلى الأدلة النقلية.

ولا شكَّ أن أدلة الجمهور صريحة الدلالة في أن الصلوات المفروضة خمس صلوات؛ فهي خمس في العدد، وخمسون في الأجر، في اليوم والليلة، وأنه لا يزاد عليها.

وأما الوتر فلا شكَّ أنه من السنن الثابتة المؤكدة التي حافظ عليها الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة من بعده، ورغَّب فيها، وبيَّنها، وسيأتي الكلام عنه إن شاء الله مفصلًا في عدد ركعاته.

» قوله: (وَاخْتِلَافُهُمْ هَلْ يُسَمَّى مَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَاجِبًا أَوْ فَرْضًا لَا مَعْنَى لَهُ).

أي: لا معنى لاختلاف الحنفية في التفرقة بين الواجبات، مثل أن نفرق بين ما ثبت بالكتاب، وما ثبت بالسنة، فنقول: ما ثبت بالكتاب هو الفرض، وما ثبت بالسنة هو الواجب؛ فهذا لا معنى له كما يقول المؤلف.

» قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ الأَحَادِيثُ المُتَعَارِضَةُ).

أي: أن سبب اختلاف الحنفية هو التعارض بين الأحاديث، وهذا غير صحيح، فالأحاديمث التي استدلَّ بها الجمهور كما بينَّا أدلة قوية، ونصٌّ في المسألة، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ، وَاللَّيْلَةِ" (٢)، فلا لبس فيها ولا غموض، وأما الأحاديث التي استدلَّ بها الحنفية فغير صريحة في هذا، ولا تبلغ صحتها ولا وضوحها؛ فلا يوجد تعارض بينهما في الحقيقة.

لكن الحنفية قد فهموا من هذه الأدلة ما يدلُّ على الوجوب، وأن


(١) أخرجه البخاري (١٠٠٠) وغيره عن ابن عمر، قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في السفر على راحلته، حيث توجهت به يومئ إيماء صلاة الليل، إلا الفرائض ويوتر على راحلته".
(٢) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>