للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللسان نعمة عظيمة من نعم الله تعالى سبحانه وتعالى؛ ولذلك قالوا: جمال الرجل باللسان (١)، والمرء بأصغريه قلبه ولسانه (٢). ولسانك حصانك إن صنته صانك، وإن أهنته أهانك. وهذا اللسان به تتم العبادة، فكلنا بحاجة إلى أن نقرأ في الصلاة وأن نسبح الله تعالى، وأن نكبره وأن نحمده، وبه نقرأ القرآن في الصلاة وفي غيرها، وبه يصل الإنسان إلى مراده ويبلغ حقه، ويدافع عن نفسه ويرد به الظلم، وبه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويعلِّم الناسَ وغير ذلك، ففوائده عظيمة جدًّا يصعب حصرها؛ ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه موسى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤)} [القصص: ٣٤].

فاللسان إذن وسيلة للتبليغ؛ ولذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفصح الناس


= ومذهب الشافعية، يُنظر: " نهاية المحتاج " للرملي (٧/ ٣٢٨) قال: " وفي لسان ناطق ولو لألكن وأرت وألثغ وطفل وإن لم يظهر أثر نطقه وشمل ما لو كان ناطقًا فاقد الذوق، وإن قال الماوردي إن فيه الحكومة كالأخرس، ولو قطع لسانه فذهب كلامه وذوقه لزمه ديتان إن قلنا بأن الذوق ليس في اللسان دية لخبر صحيح فيه ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: " كشاف القناع " للبهوتي (٦/ ٤٠) قال: " في اللسان الناطق الدية إذا استوعب قطعًا إجماعًا ذكره ابن حزم؛ لأنه أعظم الأعضاء نفعًا وأتمها جمالًا يقال: جمال الرجل في لسانه، والمرء بأصغريه قلبه ولسانه، ويقال: ما الإنسان لولا اللسان إلا صورة مهملة أو بهيمة مهملة ".
(١) هذا معنى حديث أخرجه أحمد في " فضائل الصحابة " (١٧٥٥) وغيره عن أبي جعفر، قال: أقبل العباس بن عبد المطلب وعليه حلة وله ضفيرتان وهو أبيض بض، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - تبسم فقال له العباس: ما أضحكك يا رسول الله، أضحك الله سنك؟ قال: " أعجبني جمالك يا عم النبي "، فقال العباس: ما الجمال في الرجل يا رسول الله؟ قال: " اللسان ". وضعفه الألباني في " الضعيفة " (٣٤٦٦).
(٢) هذا مثل من أمثال العرب.
قيل لهما: الأصغران لصغر حجمهما، ويجوز أن يسميا الأصغرين ذهابًا إلى أنهما أكبر ما في الإنسان معنًى وفضلًا، .... كأنه قيل: المرء يقوم معانيه بهما أو يكمل المرء بهما. انظر: " مجمع الأمثال " للميداني (٢/ ٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>