للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث عائشة يدلُّ على أنها نُسِخت نسخًا مطلقًا.

وقد فرضت الصلوات الخمس بمكة، وَالآيات المكية عنيت أكثر بأمور العقيدة في الغالب؛ لأن المجتمع الذي نشأ فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- مجتمع مشرك فيه البدع والشركيات والخرافات وعبادة الأوثان والأشجار ما فيه، ولذلك جاء هذا الدين ليجتثَّ تلكم العقائد الفاسدة من نفوس أولئك المشركين.

[مسألة]: ومع هذا نزلت أيضًا بعض الأحكام بمكة، ومنها فرض الصلوات الخمس، هل كانت قبل الهجرة بسنوات أو بسنة؟! فيه خلاف بين العلماء، وربما يعرض له المؤلف ونعرض له (١).

[مسألة]: هل فُرض الوضوء أيضًا في مكة أم في المدينة؟ هناك أدلة تدل على أن الوضوء شرع بمكة، وهناك كلام حول آية المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: ٦]، وهذه السورة كما هو معلوم مدنية؛ فكيف يقال: إن الوضوء فُرِضَ؟! هل جاءت هذه الآية لتأكد فرضًا سابقًا، أو أن الوضوء كان معروفًا ومطلوبًا وإنما فُرِض؟ وهذه المسائل قد ذكرناها وحررنا الكلام فيها في باب الوضوء (٢).


(١) يُنظر: "فتح الباري" لابن رجب (٢/ ٣٠٧) حيث قال: "وقد أجمع العلماء على أن الصلوات الخمس إنما فرضت ليلة الإسراء، واختلفوا في وقت الإسراء: فقيل: كان بعد البعثة بخمسة عشر شهرًا، وهذا القول بعيد جدًّا. وقيل: أنه كان قبل الهجرة بثلاث سنين، وهو أشهر. وقيل: قبل الهجرة بسنة واحدة. وقيل: قبلها بستة أشهر. وقيل: كان بعد البعثة بخمس سنين، ورجحه بعضهم، قال: لأنه لا خلاف أن خديجة صلت معه بعد فرض الصلاة، ولا خلاف إنها توفيت قبل الهجرة بمدة، قيل بثلاث سنين، وقيل: بخمس، وقد أجمع العلماء على أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء".
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (رد المحتار) (١/ ٩١) حيث قال: "قوله: ففائدة نزول الآية إلخ" جواب عما يقال إذا كان الوضوء فرض بمكة مع فرضية الصلاة وهو أيضًا شرع من قبلنا فقد ثبتت فرضيته فما فائدة نزول آية المائدة؟ … (قوله: تقرير الحكم الثابت)، أي: تثبيته، فإنه لما لم يكن عبادة مستقلة بل تابعًا للصلاة احتمل أن لا تهتم الأمة بشأنه، وأن يتساهلوا في شرائطه وأركانه بطول=

<<  <  ج: ص:  >  >>