للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

» قوله: (وَحَدِيثُ الأَعْرَابِيِّ المَشْهُورُ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصلَاةُ وَالسَّلَامُ- عَنِ الإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، قَالَ: هَلْ عليَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ تَطوَّعَ" (١).

فهذا الأعرابي كلما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أمر قال: "هَلْ علي غَيْرُهَا؟ " فهو حريص على أن يعرف الحكم؛ لأنه يجهله؛ فجاء من بعيد منتثرًا شعره، رافعًا صوته، يسأل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،-وكان ينبغي أن يخفضه أمام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه كان بأشد الحاجة إلى أن يبين له الحكم؛ فلو كان هناك زيادة في الفروض؛ لبينها الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن هذا المقام مقامُ بيانٍ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز (٢).

والخلاصة: أن مذهب الجمهور واضح الدلالة، والمذهب الثاني ضعيف في هذه المسألة (٣).


= العهد عن زمن الوحي وانتقاص الناقلين يومًا فيومًا، بخلاف ما إذا ثبت بالنص المتواتر الباقي في كل زمان وعلى كل لسان.
مذهب المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ١٨٠) حيث قال: اختلف متى فرضت الطهارة للصلاة؟ فقال الجمهور: من أول الأمر حين فرضت الصلاة وأن جبريل نزل صبيحة الإسراء فهمز النبي -صلى الله عليه وسلم- بعقبه فتوضأ وعلمه الوضوء وقال ابن الجهم: كانت في أول الإسلام سنة ثم فرضت في آية التيمم. نقله الأبي في شرح مسلم عن القاضي عياض وكلام القاضي أتم فلينظر. مذهب أهل الظاهر، يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١٩٨١١) حيث قال: ولم تنزل آية الوضوء إلا بالمدينة في سورة النساء، وفي سورة المائدة، ولم يأت قط أثر بأن الوضوء كان فرضًا بمكة، فإذ ذلك كذلك فالوضوء بالنبيذ كلا وضوء، فسقط التعلق به لو صح. ويُنظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٢٣٢ - ٢٣٣) حيث قال: وتمسك بهذه الآية من قال: إن الوضوء أول ما فرض بالمدينة، فأما ما قبل ذلك فنقل ابن عبد البر اتفاق أهل السير على أن غسل الجنابة إنما فرض على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو بمكة، كما فرضت الصلاة، وأنه لم يصل قط إلا بوضوء، قال: وهذا مما لا يجهله عالم.
(١) تقدَّم تخريجه قريبًا.
(٢) هذه من القواعد الأصولية، وقد تكلمنا عليها في أكثر من موضع.
(٣) تقدَّم ذكر مذاهب أهل العلم في هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>