للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

» قوله: (وَأَمَّا الأَحَادِيثُ الَّتِى مَفْهُومُهَا وُجُوبُ الوِتْرِ، فَمِنْهَا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ زَادَكُمْ صَلَاةً وَهِيَ الوِتْرُ، فَحَافِظُوا عَلَيْهَا" (١)، وَحَدِيثُ حَارِثَةَ بْنِ حُذَافَةَ قَالَ: "خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مَنْ حُمُرِ النَّعَمِ وَهِيَ الوِتْرُ"، وَجَعَلَهَا لَكُمْ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ العِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الفَجْرِ (٢)، وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا" (٣).

سبق الكلام على هذه الأدلة، وقلنا إن حديث: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ زَادَكمْ صَلَاةً" تكلم فيه العلماء؛ لكن بعضهم جمع له شواهدَ، وقالوا: إنه صالح للاحتجاج به؛ وهو كذلك صالح؛ لكنه لا يصلح للاحتجاج به في إضافة صلاة الوتر إلى الصلوات الخمس (٤).

و"النَّعم" (٥): هي الإبل، وكان لها شأن عظيم، وأحسنها ذات الحمرة، ولذا كان يضرب بها المثلُ عند العرب، ويقولون: "خَيْرٌ لَكُمْ مَنْ


(١) أخرجه أحمد (٦٩١٩) وغيره، وحسنه الأرناؤوط.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٢٧١) حيث قال: "والاستدلال به من وجهين: أحدهما أنه أمر بها ومطلق الأمر للوجوب، والثاني: أنه سماها زيادة والزيادة على الشيء لا تتصور إلا من جنسه، فأما إذا كان غيره فإنه يكون قِرَانًا لا زيادة، ولأن الزيادة إنما تتصور على المقدر وهو الفرض، فأما النفل فليس بمقدر فلا تتحقق الزيادة عليه، ولا يقال: إنها زيادة على الفرض لكن في الفعل لا في الوجوب؛ لأنهم كانوا يفعلونها قبل ذلك ألا ترى أنه قال: ألا وهي الوتر؟ ذكرها معرفة بحرف التعريف، ومثل هذا التعريف لا يحصل إلا بالعهد ولذا لم يستفسروها".
(٥) "النعم": واحد الأنعام، وهي البهائم، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل، والإبل الحمر أعز أموال العرب، فأخبر أنها خير من الأموال النفيسة. انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>