للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُمُرِ النَّعَم"، ولذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- -صلى الله عليه وسلم- يضرب المثل بها كثيرًا، منها لما أرسل عليَّ بن أبي طالب إلى خيبر، وقال له -صلى الله عليه وسلم-: "فَوَاللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ" (١).

[استدراك على الأدلة]، وثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- -صلى الله عليه وسلم- في النكاح أنه من سنته، وأنه قال بعد ذكره ذلك: "فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي" (٢)، أي: من أعرض عن سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى سنَّة غيره وتركها وعمل بغيرها؛ فليس على طريقتي.

وشتَّانَ بين إنسان يرد أمرًا من أمور هذه الشريعة واجبًا كان أو غير واجب، وبين إنسان لا يرد ذلك الأمر لكنه لا يرى وجوبه.

فمثلًا: يجري على النكاح الأحكام التكلفية؛ فالأصل في النكاح: أنه سنة (٣)، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذكر أنه من سنَّته، وقال: "تَزَوَّجُوا الوَدُودَ


(١) أخرجه البخاري (٣٧٠١)، ومسلم (٢٤٠٦/ ٣٤) عن سهل بن سعد، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: "لأعطين الراية كدًا رجلًا يفتح الله على يديه"، قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: "أين علي بن أبي طالب". فقالوا: يشتكي عينيه يا رسول الله، قال: "فأرسلوا إليه فأتوني به". فلما جاء بصق في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: "انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا، خير لك من أن يكون لك حمر النعم".
(٢) أخرجه البخاري (٠٦٣) ومسلم (٤٠١/ ٥) عن أنس بن مالك، يقول: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، يسألون عن عبادة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهم، فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" للحصكفي (٣/ ٧) قال: "ويكون سنة مؤكدة في الأصح فيأثم بتركه ويثاب إن نوى تحصينًا وولدًا حال=

<<  <  ج: ص:  >  >>