للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ردَّ ابن عباس عليه كما سبق أنْ ردَّ على معاذ ومرَّ ذلك في الحج لمَّا كان يقبل الأركان فاعترض عبد الله بن مسعود عليه وقال: " ليس من البيت شيء مهجور ". فردَّ عليه وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: ٢١] ولم نره يقبل إلا الركنين، (أي: اليمانيين) ". فقال: " صدقت " (١).

فهنا ردَّ عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - عليه حيث قال: " نحن نرى الأصابع تتفاوت فهي تختلف في أحجامها ومنافعها ومع ذلك نرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل في كلِّ واحد منها عشرًا من الإبل سواء كانت أصابع اليدين أم الرجلين. فهذا أمر محدد قد جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينبغي الوقوف عنده، وربما تختلف المنافع، وربما تتفاوت ومع ذلك تكون الدية محددة، وهذه الأمور التي فيها أدلة تدخل في الأمور التوقيفية.

* قوله: (عُمْدَةُ الْجُمْهُورِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: " فِي السِّنِّ خَمْسٌ "، وَذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ (٢)).

وورد في حديث آخر: " في السنّ خمس من الإبل "، والمراد بالخمس هنا: خمس من الإبل.

إذن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - ردَّ على المعارض بدليل آخر، وهو كيف يكون في الأسنان خمس، وهي متفاوتة شكلًا ومنفعة.


(١) أخرجه أحمد في " المسند " (٣/ ٣٦٩ - ٣٧٠) وغيره: عن مجاهد، عن ابن عباس، أنه طاف مع معاوية بالبيت، فجعل معاوية يستلم الأركان كلها، فقال له ابن عباس: " لم تستلم هذين الركنين؟ ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلمهما "، فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورًا، فقال ابن عباس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، فقال معاوية: صدقت. وحسنه الأرناؤوط.
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>