للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَاسْمُ السِّنِّ يَنْطَلِقُ عَلَى الَّتِي فِي مُقَدَّمِ الْفَمِ وَمُؤَخَّرِهِ).

لأنه عند إطلاق السنِّ ينصرف إلى الكلِّ، ولو أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التفريق لبيَّنه؛ لأن البيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة، ومهمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيان ما اختلفوا فيه، وبلاع ما جهلوه، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]. فكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبيِّن الأحكام ويفصلها ويوضحها للناس.

* قوله: (وَتَشْبِيهُهَا أَيْضًا بِالأَصَابعِ الَّتِي اسْتَوَتْ دِيَتُهَا وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مَنَافِعُهَا).

ليس المقياس في ذلك حقيقة تفاوت المنافع أو الحجج، لكن المقياس أو الحجة في ذلك ما جاء عن الله تعالى وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم - حتى وإن كانت دية الأسنان إذا جمعت منفردة زائدة على مائة من الإبل، فإن ذلك لا يغير شيئًا بدليل أن الإنسان لو قُطِعت يداه ففيهما (دية)، ولو قُطِعت رجلاه ففيهما (دية)، ولو قُلِعت عيناه ففيهما (دية)، ولو أُذِهب سمعه ففيه (دية)، وكذلك لو قُطِعت أذناه ففيهما (دية)، وكذلك الحال بالنسبة للسان وللكلام، وهكذا (١).

* قوله: (وَعُمْدَةُ مَنْ خَالَفَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرْعَ يُوجَدُ فِيهِ تَفَاضُلُ الدِّيَاتِ؛ لِتَفَاضُلِ الأَعْضَاءِ).

يوجد هذا ولكن وُجِد بنصٍّ، وليس لدينا نصٌّ يفرِّق بينها؛ إذ النصُّ الذي عندنا في الأسنان لا يفرِّق بينها، والذي في الأصابع لم يفرق كذلك، ولم يرد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نصٌّ لنقف عنده كما ستأتي في باب (القسامة)، وقد مرَّ بنا أحكامٌ كثيرة تستثنى من بعض الأحكام، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عدة أمور، مثل: المزابنة ثم رخَّص في بيع العرايا، والعرايا إنما هي نفسها المزابنة، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رخَّص في بيع الرُّطب


(١) تقدمت كل هذه المسائل بالتفصيل، ونقلنا أقوال أهل العلم فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>