للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد تكون الأمور غير ظاهرة، كأن يُقتل إنسان ولا يعلم قاتله، ومعلوم أن من يريد التعدي على النفوس فإنه دائمًا يتحين الفرص، بأن يبحث عن الخلوات، يعني إذا أراد أن يغدر بإنسان فإنه لا يقتله أمام الناس وإنما يقتله بعيدًا عن أعين الناس؛ حتى لا تقام عليه الدعوى، ولا يكون هناك شهود، إِلَّا أن تحصل مضاربة أو نعد، أو غير ذلك كما مر (١).

فهذا اختصار لما بين الجنايات والقسامة من المناسبة، وما بينهما من الافتراق.

كتاب القسامة من أقسم يقسم قسمًا وقسامة، فهو يرجع إلى القسم، ومعناه من حلف الحلف؛ فمعناه الحلف، فالمراد بالقسامة تكرار الأيمان، يعني أن يحلف عدة أيمان، خمسين يمينًا كما جاء في الحديث (٢).

فقد يُعتدى على شخص كما سيأتي في قصة عبد اللّه بن سهل، عندما كان هو ومُحَيِّصة في طريق من طرق خيبر وقد تمَّ الصلح بين رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وبين اليهود، فتفرقا في الطريق، فعاد محيصة فوجد زميله يتشحط يعني يضطرب في دمه قتيلًا (٣).

إذن وجده قتيلًا ولم ير من قتل ولم يعرفه، فهل اليهود هم الذين قتلوه؟ سيأتي بيان ذلك في هذا الكتاب.


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لولا القسامة في الدماء لأفضى إلى سفك الدماء، فيقتل الرجل عدوه خفية ولا يمكن أولياء المقتول إقامة البينة، واليمين على القاتل والسارق والقاطع، فإن من يستغل هذه الأمور لا يكترث باليمين". انظر: "مجموع الفتاوى" (٣٤/ ٢٣٨).
(٢) أخرجه مسلم (١٢٩١) وفيه " … فقال لهم: "أتحلفون خمسين يمينًا فتستحقون صاحبكم أو قاتلكم … " الحديث.
(٣) أخرجه البخاري (٣١٧٣) عن سهل بن أبي حثمة، قال: انطلق عبد اللّه بن سهل، ومحيصة بن مسعود بن زيد، إلى خيبر وهي يومئذ صلح، فتفرقا فأتى محيصة إلى عبد اللّه بن سهل وهو يتشمط في دمه قتيلًا، فدفنه ثم قدم المدينة … " الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>