للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يوقر، فقال له: "كبِّر كبِّر" (١)، أي: دع الأكبر، وفي رواية أُخرى: "الكُبْرَ الكُبْرَ" (٢)، أي: يبدأ بالأكبر فالأكبر، فتكلم الاثنان، ثم بعد ذلك تكلم هو.

وهذا نوع من التربية الإسلامية، وهو خلق كريم بيّن فيه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ما ينبغي للمسلم إذا كان مع إخوة له، وأرادوا أن يتكلموا في أمر من الأمور، فينبغي أن يبدأ الأكبر فالأكبر، إِلَّا أن يكون الكبير جاهلًا لا يحسن الكلام فالمرء بأصغريه (٣)؛ قلبه ولسانه، ولذلك نرى أن الإسلام نظر إلى الكبير في مواضع، فقد مر في كتاب الإمامة قول رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللّه، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنًّا" (٤).

إذًا عندما يتساوى اثنان في أمر من الأمور، فيقدم الكبير تقديرًا وإجلالًا لهذا الكبير، ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كبِّر كبِّر".

* قوله: (الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِيمَا يُعَدُّ لَوْثًا يَجِبُ بِهِ أَنْ يَبْدَأَ الْمُدَّعُونَ بِالأَيْمَانِ).

سيأتي الكلام عن معنى اللوث وهو وجود عداوة.

* قوله: (أَمَّا وُجُوبُ الْحُكْمِ بِهَا عَلَى الْجُمْلَةِ فَقَالَ بِهِ


(١) أخرجه البخاري (٣١٧٣)، ومسلم (١٦٦٩/ ٦).
(٢) أخرجه البخاري (٦٨٩٨). قوله: "الكبْر الكبْر" بضم فسكون - بالنصب على الإغراء - أي: قَدم الأكبر، قالوا هذا عن تساويهم في الفضل، وأما إذا كان الصغير ذا فضل فلا بأس أن يتقدم انظر: "حاشية السندي على سنن النسائي" (٩١٨).
(٣) قيل لهما الأصغران لصغر حجمهما، ويجوز أن يسميا الأصغرين ذهابًا إلى أنهما أكبر ما في الإنسان معنى وفضلًا، … كأنه قيل: المرء يقوم معانيه بهما أو يكمل المرء بهما. انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (٢/ ٢٩٤).
(٤) أخرجه مسلم (٦٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>