للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما أن القسامة جاءت على خلاف الأصول؛ لأنه يقسم على أمر لم ير ولم يشاهد، والمعروف أن الإنسان إنما يقسم على أمر قد رآه وعلمه، {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} قال: هل رأيت الشمس؟ قال: نعم. قال: على مثلها فاشهد أو دع (١).

فالفريق الثاني من أهل العلم، وهم غير الجمهور يقولون: مخالف، ولكن متى ننظر للمخالفة؟ في حالة عدم وجود نص، وهذا قد ذكرته آنفًا، وقد مر من قبل أن هناك من يقول بأن السَّلَمَ جاء على خلاف القياس، وأن الجعالة جاءت على خلاف القياس، بل هناك من يقول: الإجارة جاءت على خلاف القياس، والمضاربة جاءت على خلاف القياس، وهذه قضية مختلف فيها، ومن العلماء من يقول بأن القياس يعتمد على الرأي الصحيح، فلا يوجد قياس صحيح يعارض نصًّا صحيحًا، فإذا كان القياس سليمًا فإنه لا يتعارض مع النص (٢).

فإذا عاد القارئ إلى الخلاف فيما يتعلق بحكم أو بمشروعية القسامة، فإنه سيرى أن جماهير العلماء؛ من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة المشهورين، كلهم قالوا بمشروعية القسامة، وأن ذلك ثبت من سنة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، وبعض العلماء - وهم قليلون بالنسبة إلى الذين قالوا بالمشروعية - قالوا بأنها غير مشروعة ومنهم سالم بن عبد اللّه، وأبو قلابة، وعمر بن عبد العزيز، وسليمان بن يسار، وغير هؤلاء (٣).


(١) تقدم تخريجه.
(٢) يُنظر: "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (٢٠/ ٥٠٤) حيث قال: "القياس الصحيح هو الذي وردت به الشريعة وهو الجمع بين المتماثلين والفرق بين المختلفين، الأول: قياس الطرد، والثاني: قياس العكس وهو من العدل الذي بعث اللّه به رسوله … وليس من شرط القياس الصحيح المعتدل أن يعلم صحته كل أحد فمن رأى شيئًا من الشريعة مخالفًا للقياس فإنما هو مخالف للقياس الذي انعقد في نفسه ليس مخالفًا للقياس الصحيح الثابت في الأمر نفسه".
(٣) يُنظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم" للقاضي عياض (٥/ ٤٤٨) حيث قال: "روى التوقف عن الأخذ به عن طائفة فلم يروا القسامة ولا أثبتوا لها في الشرع حكمًا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>