للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جلدهم عمر - رضي الله عنه - (١).

* قوله: (قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ رَجُلًا شَهِدُوا عِنْدَكَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ بِحِمْصَ، وَلَمْ يَرَوْهُ - أَكُنْتَ تَقْطَعُهُ؟ قَالَ: لا).

والخليفة في عاصمة الدولة الإسلامية التي هي في دمشق، فقال: لو حصل ذلك في بلد آخر، في مدينة أُخرى غير هذه، أكنت تفعل؟ قال: لا، يعني هو يعطيه هذا من باب ضرب الأمثلة؛ لأن الأمثلة مفيدة دائمًا، واللّه -سُبْحَانَهُ وتَعَالى- قد أكثر منها في الكتاب العزيز بقوله: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: ٢١]، {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)} [العنكبوت: ٤٣].

فهذه الأمثال التي نراها في كتاب اللّه - عَزَّ وَجَلّ -، وما يحكيه اللّه -سُبْحَانَهُ وتَعَالى-، لنا من قصص السابقين، إنما فيه مواعظ وعبر ودروس، وزواجر أحيانًا، فينبغي أن يستفيد المسلم دائمًا من ضرب الأمثلة، وكذلك ينبغي أن يستفيد من القصص؛ فإن كانت تلك القصة فيها خير فإنه يسارع إلى فعله وإن كان في ذلك شر فإنه يتجنبه ويبتعد عنه، ثم إن في ضرب الأمثلة تقريبًا للأذهان.

* قوله: (وفي بعض الروايات (٢): قلت: فما بالهم إذا شهدوا أنه


(١) أخرجه الطَّبراني في الكبير (٧/ ٣١١) وعبد الرزاق في مصنفه (٧/ ٣٨٤) عن أبي عثمان النهدي، قال: شهد أبو بكرة، ونافع، وشبل بن عبد على المغيرة بن شعبة أنهم نظروا إليه كما ينظرون إلى المرود في المكحلة. قال: فجاء قلاد، فقال عمر: "جاء رجل لا يشهد إِلَّا بالحق"، قال: رأيت مجلسًا قبيحًا وانبهارًا. قال: فجلدهم عمر الحد.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٠/ ٣٨) عن أيوب، قال: حَدَّثَنِي مولى لأبي قلابة، قال: دخل عمر بن عبد العزيز على أبي قلابة وهو مريض، فقال: نشدتك اللّه يا أبا قلابة لا تشمت بنا المنافقين، قال: فتحدثوا حتى ذكروا القسامة، فقال أبو قلابة: "يا أمير المؤمنين، هؤلاء أشراف أهل الشام عندك ووجوههم، أرأيت لو شهدوا أن فلانًا سرق بأرض كذا وكذا أكنت قاطعه؟ " .. قال: فكتب عمر في القسامة: "إن أقاموا شاهدي عدل أن فلانًا قد قتله، فأقده، ولا تقبل شهادة واحد من الخمسين الذين حلفوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>