للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأحمد (١) مع الشافعي، ولكن الحنابلة خالفوا الشافعي في قضية ألا يوجد غيرهم، قالوا: ليس ذلك شرطًا، أن يوجد قوم في تلك المحلة بينهم وبين القتيل عداوة، هذا شرط، لكن ليس شرطًا ألا يوجد معهم غيرهم (٢)، قالوا: ومما يدل على ذلك أنه يوجد في خيبر بعض المسلمين ممن كانوا يعملون في النخيل، وإن كانوا قلة بالنسبة لغيرهم، إذن هذه الجزئية ليست محل اتفاق.

* قوله: (كمَا كَانَتِ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ الأَنْصَارِ وَالْيَهُودِ).

وهي عداوة معروفة كما هو معلوم، بل نفس الأوس والخزرج كان بينهم عداوات؛ لأن علاقاتهم كانت تقوم على الجاهلية، فلا يوجد ضابط يضبطهم، ولا نظام يمسك بهم، وإنما يرجعون إلى أمور القبيلة يقتتلون مع غيرهم، فإذا لم يجدوا تجد أن ابن العم يقاتل ابن عمه، والقتيل يقاتل قريبه، هذه هي أحوال الجاهلية التي جاء الإسلام فأبطلها ونقلهم إلى هذا الدِّين الحنيف الذي جعلهم فيه إخوة متحابين وسماهم الأنصار.


(١) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٦٨) حيث قال: " (وكل من بينه وبين المقتول ضغن)، أي: حقد (يغلب على الظن قتله) لأن مقتضى الدليل أن لا تشرع القسامة ترك العمل به في العداوة الظاهرة لقصة الأنصاري فى القتيل بخيبر ولا يجوز القياس عليها لأن الحكم ثبت بالمظنة ولا يجوز القياس في المظان لعدم التساوي بين الأصل والفرع في المقتضى".
قال القاضي: "يجوز للأولياء أن يقسموا على القاتل إذا غلب على ظنهم أنه قتله وإن كانوا غائبين عن مكان القتل لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: "تحلفون وتستحقون دم صاحبكم" وكانوا بالمدينة والقتيل بخيبر ولأن للإنسان أن يحلف على غالب ظنه كما أن من اشترى من إنسان شيئًا فجاء آخر يدعيه جاز للمشتري أن يحلف أنه؛ أي: المدعي لا يستحقه لأن الظاهر أنه ملك الذي باعه له".
(٢) يُنظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم" للقاضي عياض (٥/ ٤٥١) حيث قال: "قال الشافعي: إلا أن يكون بمثل القصة التي حكم فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - في خيبر، فيجب فيها القسامة من العداوة، وأنه لم يكن هناك سواهم، فإن خيبر كانت باليهود مختصة، والعداوة بينهم وبين الأنصار ظاهرة وخرج عبد الله بعد العصر فوجد قتيلًا قبل الليل. وقال نحوه أحمد بن حنبل".

<<  <  ج: ص:  >  >>