للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أرسلهم، وهو الذي أمرهم بتبليغ رسالته، فهم يبلغون رسالات الله، وإذا كانوا كذلك فهم أهل لنصر الله، وإذا كانوا أهلًا لذلك النصر، فإن الله سبحانه وتعالى سينصرهم، وقد نصرهم على مخالفهم.

وقد رأينا كيف كان نشأ محمد بن عبد الله وحده، ثم التف حوله عدد من الفقراء، وُيؤذى المؤمنون، ومع ذلك يبقى بمكة ثلاثة عشر عامًا يدعو الناس إلى الحق، وإلى طريق مستقيم، وهم يقابلون ذلك بالنكران والأذى، إلى أن نصره الله تعالى بهجرته إلى هذه المدينة الطيبة فكوّن فيها أول دولة للإسلام، وكان في مقدمة ذلك أن وحد بين المؤمنين، وربطهم برباط الإيمان؛ ليكونوا قوة واحدة، وهكذا تحقق فأخذ هذا النور العظيم يمتد في الأرض شيئًا فشيئًا حتى عمَّ المعمورة.

هي دروس لو استفاد منها المؤمنون لرجعوا، فهذه الأحاديث، هذه الوقائع، هذه النكبات، هذه المصائب التي تنزل بالمؤمنين إنما يقدرها الله سبحانه وتعالى؛ ليذكرنا، هل نعود إلى الله سبحانه وتعالى فنستحق النصر كما استحقه من سبقونا؟ أو أننا نبقى في الخطأ؟

كيف نرجو أن ننصر وكثير من بلاد الإسلام يتحاكمون إلى قوانين وضعية وضعها البشر، يغيرون ويبدلون، قد عشّشت فيها الرذائل وفرخت، ويتركون شريعة الله سبحانه وتعالى، فإذا أردنا أن ننصر فلنعد العدة لذلك، ولنبدأ بإصلاح أنفسنا ومجتمعاتنا، فتقوى علاقاتنا، حينئذٍ نجد أن الله سبحانه وتعالى معنا؛ لأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

* قوله: (وَلمَكَانِ الشُّبْهَةِ رَأَى تَبْدِئَةَ الْمُدَّعِينَ بِالأَيْمَانِ مَنْ رَأَى ذَلِكَ مِنْهُمْ؛ فَإِنَّ الشُّبَهَ عِنْدَ مَالِكٍ تَنْقُلُ الْيَمِينَ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَى الْمُدَّعِي).

هذه المسألة انفرد بها الإمام مالك من بين الأئمة؛ لأنه -كما هو معلوم- البينة على المدعي واليمين على من أنكر، والإمام مالك أحيانًا ينقل اليمين إلى المدعي كما رأينا؛ لأنه إذا وجدت شبهة قوية عنده حولها، أما في باب القسامة فذلك له دليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>