في تابوت، وتأخذه زوجته وبعد يتربى في بيت فرعون، ويحتج عليه فرعون بأنه كان عندهم، فانظر كيف كانت النتيجة!
من الذي نصر موسى؟ هو الله سبحانه وتعالى، ليس بقوته؛ فقد كان فردًا ومعه قليل، وما هي قوته تجاه قوة فرعون؟ لكن الله سبحانه وتعالى معه، فالله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، ولذلك قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١)} [غافر: ٥١] لم يقصر النصر على الرسل. لكن الله تعالى قيد ذلك بقوله:{إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ}[محمد: ٧]. وقال بالنسبة لموقعة بدر:{وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}[آل عمران: ١٢٦]، [الأنفال:١٠].
إذن هناك شواهد، هناك دروس، هناك مواعظ، فها هو أمر مر بنا فأردنا أن نشير إليه، وهو أنه لا ينبغي للمؤمنين أن ييأسوا ولا أن يقنطوا، ولكن ينبغي أن يعدوا العدة، وإعداد العدة أولًا بإصلاح النفوس والعودة إلى الله قبل كل شيء، ثم أيضًا إعداد القوة التي أشار إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن القوة الرمي"(١)، وها أنتم رأيتموها تحقق، ولكنها مع غير المؤمنين.
الجمهور أجابوا وقالوا: ليس هذا من القسامة، ولكن هذا قتيل مات، فالله سبحانه وتعالى أحياه وأنطقه، فمن يحيا لا يكذب مثل هذا، هو لا يكذب، ولا يقول إلا الحق، كما نرى الذين تكلموا في المهد وقالوا أيضًا: هذه آية من آيات الله سبحانه وتعالى، ومعجزة لنبيه موسى.
والله سبحانه وتعالى قد خص أنبياءه بكثير من المعجزات؛ لأنه تعالى هو الذي
(١) أخرجه مسلم (١٩١٧) عن عقبة بن عامر، يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر، يقول: " {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي".