لكن هذه القضية ذكر العلماء أنها قضية لا يقاس عليها، أولًا هذه آية من آيات الله سبحانه وتعالى، وهي معجزة من معجزات نبيه موسى عليه السلام، ومعلوم أن من معجزاته عليه السلام العصا، {هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}[طه: ١٨] لكن كيف كان أثر تلك العصا؟
معلوم كيف كان موقف فرعون من موسى وبني إسرائيل الذين اتبعوه قبل أن يغيروا، فإن فرعون علا في الأرض كما أخبر سبحانه وتعالى:{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ}[القصص: ٤] بل تجاوز فقال: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}[القصص: ٣٨]. وقال: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (٢٥)} [النازعات: ٢٤، ٢٥].
ومن آثار تلك العصا أن فرعون لما لحق بموسى وقومه قال قومه:{إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}[الشعراء: ٦١] فضرب موسى بعصاه البحر فانفلق، فكان كل فرق كالطود العظيم، فلما تجاوز موسى ومن معه، وجاء فرعون ومن معه، أغرق الله سبحانه وتعالى فرعون ومن معه.
وهكذا لا ينبغي للمسلمين أن ييأسوا، ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى في آخر سورة يوسف: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١١٠) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١)} [يوسف: ١١٠، ١١١].
لكن يحتاج ذلك دإئمًا إلى العودة إلى الله، إلى أن يكون من ينتسبون إلى الإسلام ممن يستحقون النصر، فإذا كانوا كذلك فالله سبحانه وتعالى معهم، وإذا كان الله مع المؤمنين فلن يهزموا، ولن يتسلط عليهم أحد مهما بلغت قوته؛ فإن الله سبحانه وتعالى هو أقوى من كل شيء، قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢].
وهذا موسى الذي قرر فرعون أن يقتل الأطفال ويقتل النساء، يلقى