للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْقَائِلِينَ بِالْقَسَامَةِ، فَجَعَلَا قَوْلَ الْمَقْتُولِ: فُلَانٌ قَتَلَنِي، لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ) (١).

يعني لو قال: فلان قتلني فهو من اللوث، فلو قال ذلك مثلًا، أو قال- كما هو معروف-: دمي عند فلان هل يعتبر ذلك أو لا؟

هذا القول- كما ذكره المؤلف وذكر قبله ابن عبد البر- انفرد به الإمام مالك، والليث إمام مصر قبل الشافعي، ومعنى هذا أن ما عدا هؤلاء من الأئمة وغيرهم لم يوافقوه، وهو كذلك، يعني خالفه من الأئمة أبو حنيفة (٢)، والشافعي (٣)، وأحمد (٤)، لكن ما حجة هذا القول؟ هناك من يحتج به وإن كان بعض المالكية ينازع، يحاجون بقصة قتيل بني إسرائيل الذي سيشير إليه المؤلف في غير موضعه بعد ذلك؛ ذلك بأنه قتل واختلف فيه، فأحياه الله سبحانه وتعالى، فأمر الله أن تذبح البقرة فيضرب ببعضها، فلما أحياه الله سبحانه وتعالى قال: قتلني فلان، كذلك قال سبحانه وتعالى: {كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى} [البقرة: ٧٣].


= مالك ولا أصحابه أن قول المقتول قبل موته دمي عند فلان أنه لوث يوجب القسامة ولم يتابع مالكًا على ذلك أحد من أئمة أهل العلم إلا الليث بن سعد فإنه تابعه فقال الذي توجبه القسامة أن يقول المقتول فلان قتلني.
(١) يُنظر: "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص ٢٢٩) حيث قال: "ومن اللوث عند مالك وأصحابه التدمية في العمد وهو قول المقتول فلان قتلني أو دمي عند فلان سواء كان المدمى عدلًا أو مسخوطًا ووافقه الليث بن سعد في القسامة بالتدمية وخالفهما سائر العلماء".
(٢) يُنظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (١٣/ ٣٢٨) حيث قال: "وقول المجروح: قتلني فلان، ليس بلوث".
(٣) يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (١٠/ ١١) حيث قال. "ولو قال المجروح: جرحني فلان، أو قتلني، أو دمي عنده، فليس بلوث؛ لأنه مدّعٍ".
(٤) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٧٠) حيث قال: "وقول القتيل قتلني فلان ليس بلوث لقوله - صلى الله عليه وسلم - "لو يعطى الناس بدعواهم" الخبر، وأما قول قتيل بني إسرائيل: فلان قتلني، فلم يكن فيه قسامة بل كان ذلك من آيات الله ومعجزات نبيه موسى - صلى الله عليه وسلم -، ثم ذلك في تبرئة المتهمين فلا يجوز تعديته إلى تهمة البريئين".

<<  <  ج: ص:  >  >>