للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- قوله: (فَأَمَّا الثُّيَّبُ الأَحْرَارُ المُحْصَنُونَ فَإِنَّ المُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ حَدَّهُمُ الرَّجْمُ إِلَّا فِرْقَةً مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ، فَإِنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ حَدَّ كُلِّ زَانٍ الجَلْدُ).

أجمع العلماء على أن الثيب المحصن حده الرجم (١)، ولم يخالف في ذلك إلا فرقة من أهل الأهواء لم يذكرها المؤلف بعينها، وهم الخوارِج (٢)، وشبهتهم أن الله سبحانهُ وتعالى قال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} فليس في كتاب الله عزَّ وجلَّ إلا الجلد، وما جاء في السنة فهي أخبار آحاد (٣) قد يتطرق إليها الكذب. فكأنهم يقولون: إنما نعمل بما جاء في كتاب الله عزَّ وجلَّ فقط.

وهذا ما خاف عمر -رضي الله عنه- وقوعه، ولذا خطب الناس فقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله سبحانهُ وتعالى بعث محمدًا بالحق وأنزل عليه القرآن وكان مما أنزل عليه هي آية الرجم قرأتها وعقلتها ووعيتها ورجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا بعده وإني أخشى أن يطول بالناس زمان فيأتي أناس فيقولون: لا نجد الرجم في كتاب الله عزَّ وجلَّ؛ فيضلون بترك تلك الفريضة" (٤)، وقد تحقق وَوَقع ما خشيه -رضي الله عنه- ثم تلا الآية: (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالًا


(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (٢/ ٢٥٥) حيث قال: "وأجمع أهل العلم على أن الحر المسلم إذا تزوج امرأة حرة مسلمة صحيحة، ودخل بها ووطئها في الفرج أنه محصن، ووجب عليه وعليها إذا زنيا الرجم".
(٢) يُنظر: "المحلى بالآثار" لابن حزم (١١/ ٢٣١)، حيث قال: "وقالت الأزارقة من الخوارج ليس عليهما إلا الجلد فقط، ولا رجم على زانٍ أصلًا".
(٣) خبر الواحد في اللغة: ما يرويه واحد، وفي الاصطلاح: ما لم يجمع شروط التواتر، وإن رواه أكثر من واحد، والعمل به واجب لإجماع الصحابة. انظر: "إسبال المطر" للصنعاني (ص: ٢٠٤). وينظر: "شرح مختصر ابن الحاجب" للأصفهاني (١/ ٦٥٥)، قال: "خبر الواحد، وهو خبر لم ينتهِ إلى حد التواتر، إما بأن لا يكون المخبر جماعة، أو يكون ولكن لم يفد أخبارهم العلم، أو يفيد العلم ولكن لا بنفسه، بل بالقرائن الزائدة على ما لا ينفك عن المتواتر".
(٤) أخرجه البخاري (٦٨٢٩) ومسلم (١٦٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>