للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا (١). وعللوا ذلك بما يأتي:

أولًا: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الجارية التي لم تحصن إذا زنت فقال: "إذا زنت فاجلدوها، فإن زنت فاجلدوها، فإن زنت فاجلدوها، وإن زنت فبيعوها ولو بضفير" (٢). يعني: ولو بحبل.

ومن الغريب أن المؤلف رحمهُ اللهُ جعل هذا الحديث حجة للفريق الآخر مع أنه حجة لمن يقول: إنها لا تغريب على العبد لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر بتغريب هذه الجارية؛ فدل ذلك على أنها لا تغرب (٣).

ثانيًا: قصة المرأة الأمة التي زنت فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليًّا أن يجلدها فلما ذهب بها علي -رضي الله عنه- تبيّن له أنها كانت قريبة عهد بنفاس، قال: فوجدتها قريبة عهد بنفاس فخشيت إن أنا جلدتها قتلتها فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أحسنت" (٤)، والشاهد أنه لم يذكر التغريب، فلو كان تغريب العبيد مطلوبًا لأرشد إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وأجاب من قال بالتغريب بأن هذا داخل في العموم؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "البكر بالبكر جلد مئة وتغريب عام" (٥)، والأمة تسمى بكرًا إذا لم توطأ؛ فهي داخلة إذن في عموم الحديث.


(١) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٣٤٥)، حيث قال: "ولا يغرب قن زنى؛ لأنه عقوبة لسيده دونه إذ العبد لا ضرر عليه في تغريبه؛ لأنه غريب في موضعه ويترفه فيه بترك الخدمة ويتضرر سيده بذلك".
(٢) أخرجه البخاري (٢١٥٣)، ومسلم (٤٤٦٧).
(٣) يُنظر: "الذخيرة" للقرافي (١٢/ ٨٨)، حيث قال: "لا تغرب النساء والعبيد وينفى الحر في الزنا … ووافقنا أحمد، لنا ما في الصحيحين؛ قال عليه السَّلام لما سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال عليه السَّلام: "إذا زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فبيعوها ولو بضفير" ولو كان تغريب لذكره عليه السَّلام".
(٤) أخرجه مسلم (١٧٠٥).
(٥) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>