للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدى ذلك إلى ضياعها (١).

وكذلك لو قيل بتغريبها فإنه لا بد أن يكون معها محرم لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة -وفي بعض الروايات: مسيرة ثلاثة أيام- إلا مع ذي محرم" (٢)، فلو غربت بغير محرم لارتكبت محظورًا آخر، وإذا كان معها في تغريبها محرم فما ذنبه؟ فهو لم يقع منه زنا حتى يغرب فلا يستحق النفي فكأنه أصابته عقوبة لم يستوجبها، إضافة إلى ما يتحمله من نفقة وسكنى.

واستدل الشافعية والحنابلة على أن المرأة تغرب بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "البكر بالبكر جلد مئة وتغريب عام" (٣)، فهذا نص ولا اجتهاد مع النص، وكذلك بما جاء في قصة العسيف قال -صلى الله عليه وسلم-: "على ابنك جلد مئة وتغريب عام" (٤)، واشترطوا أن يصحبها محرم، ثم اختلفوا على من تكون نفقته إن طلب ذلك (٥).

- قوله: (وَلَا تَغْرِيبَ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى العَبِيدِ) (٦) وهذا قول أحمد


(١) يُنظر: "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (٤/ ٣٢٢)، حيث قال: "قوله: دون العبد والأنثى؛ أي: فلا يغربان ولا يسجن واحد منهما ببلد الزنا؛ لأن السجن تبع للتغريب وهما لم يغربا وهذا هو المعتمد؛ لأنه قول مالك وعامة أصحابه … لما يخشى عليهما من الزنا بسبب ذلك التغريب".
(٢) أخرجه البخاري (١٠٨٨)، ومسلم (١٣٣٩).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) مذهب الشافعية: أن النفقة عليها. يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٤/ ١٣٠)، حيث قال: "ولو غربت امرأة اشترط خروج زوج أو محرم معها، ولو مع أمن الطريق … وأجرته عليها"، ومذهب الحنابلة: أن الأجرة عليها فلو تحذر كانت الأجرة من بيت المال. يُنظر: "شرح منتهى الإرادات للبهوتي" (١١/ ١١٨)، حيث قال: "يكون تغريب أنثى بمحرم باذل نفسه معها وجوبًا لعموم نهيها عن السفر بلا محرم وعليها أجرته … فإن تعذرت أجرته منها، أي: لعدم أو امتناع فمن بيت المال".
(٦) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٤/ ٣٢١)، حيث قال: "وغرب البكر الحر الذكر فقط دون العبد".

<<  <  ج: ص:  >  >>