للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: ما جاء عن علي -رضي الله عنه- في هذه المسألة، فإنه بين أنه من أخطر ما يكون أن يُنفى الزاني (١).

ثالثًا: أنه رُوي عن عمر -رضي الله عنه- أنه نفى ربيعة بن أمية بن خلف لما زنى إلى خيبر فلحق يملك الروم وتنصر، فقال عمر: لا أنفي أحدًا من المسلمين بعد اليوم (٢). لكن ثبت عن عمر -رضي الله عنه- أنه غرَّب أيضًا (٣).

وذهب جمهور العلماء إلى القول بالتغريب لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام" (٤)، ولكنهم اختلفوا في تفاصيل ذلك.

فذهب الشافعي إلى أن التغريب على كل بكر ذكرًا كان أو أنثى حرًّا كان أو عبدًا (٥).

وذهب أحمد رحمهُ اللهُ إلى أنه لا يغرب العبيد (٦).

وذهب مالك رحمهُ اللهُ إلى أنه لا تغريب على المرأة والمملوك، وعلَّل ذلك بأن المرأة إذا غربت كان في ذلك إعانة لها على الفجور وهو إن لم يكن أخطر من الزنا فهو لا يكون أقل منه؛ لأن الزانية غير مؤتمنة فكيف تغرب وتترك؟! كما أن فيه أيضًا تضييعًا لها لأنها إذا غُربت


(١) قال ابن عبد البر: "وروي عن علي -رضي الله عنه- أنه لم ير نفي النساء". انظر: "الاستذكار" (٧/ ٤٨١).
(٢) أخرجه النسائي في المجتبى (٥٧٢٢)، وضعفه الألباني في ضعيف سنن النسائي (٥٦٧٦).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٤/ ١٢٨، ١٢٩)، حيث قال: "وحد البكر الحر، وهو غير المحصن رجلًا كان أو امرأة جلد مائة، وتغريب عام … وحد من فيه رِق خمسين ويغرب نصف عام".
(٦) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٣٤٥)، حيث قال: "ولا يغرب قن زنى؛ لأنه عقوبة لسيده دونه إذ العبد لا ضرر عليه في تغريبه؛ لأنه غريب في موضعه ويترفه فيه بترك الخدمة ويتضرر سيده بذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>