للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُغَرَّبُ الرَّجُلُ وَلَا تُغَرَّبُ المَرْأَةُ، وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ (١). وَلَا تَغْرِيبَ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى العَبِيدِ (٢)، فَعُمْدَةُ مَنْ أَوْجَبَ التَّغْرِيبَ عَلَى الإِطْلَاقِ حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ المُتَقَدِّمُ، وَفِيهِ: "البِكْرُ بِالبِكْرِ، جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ" (٣).

اختلف العلماء في تغريب الزاني سبب الخلاف في مسألة التغريب أنه لم يرد ذكره في الكتاب العزيز، قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢]، ولكن صح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام" (٤)، وكذلك ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في قصة العسيف (٥).

فذهب أبو حنيفة وبعض أصحابه إلى أنه لا تغريب أخذًا بظاهر آية سورة النور، حيث ذكر الله الجلد ولم يذكر معه شيئًا آخر فوجب الوقوف عند مورد النص (٦)، ومعلوم كلام الحنفية في قضية الزيادة على النص ونسخ الكتاب بالسنة أيضًا (٧). هذا أولًا.


(١) الذي نقل عن الأوزاعي أنه رأى ذلك في الرجال فقط. يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٧/ ٥٠١) حيث قال: "وقال الأوزاعي: يُنفى الزناة الرجال كلهم عبيدًا أو أحرارًا ولا ينفى النساء".
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٤/ ٣٢١)، حيث قال: "وغرب البكر الحر الذكر فقط دون العبد".
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) أخرجه البخاري (٢٧٢٤)، ومسلم (١٦٩٧).
(٦) يُنظر: "التجريد" للقدوري (١١/ ٥٨٦٩)، حيث قال: "قال أصحابنا: إذا زنا البكر فحده الجلد، والتغريب ليس بحد، فإن رأى ذلك الإمام مصلحة فعله على وجه التعزير لنا قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}. ظاهر الآية أنه جميع الحد الواجب عليهما. فمن قال: إنه بعض الحد فقد خالف الظاهر".
(٧) يُنظر: "التجريد" للقدوري (١١/ ٥٨٧٠)، حيث قال: "ووجه ثان من الآية: وهو أن إيجاب التعزير حد يوجب تعيين الحكم المذكور في الآية ويجعله بعض الحد وذلك نسخ عندنا. ونسخ القرآن لا يجوز إلا بما يجوز إثبات القرآن به، وعند مخالفنا لا يجوز نسخ القرآن".

<<  <  ج: ص:  >  >>