للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجمهور على خلافه، لما جاء في قصة الذي سرق رداء صفوان -وكان يساوي نصابًا- وهو في المسجد وكان قد وضعه تحت رأسه فامسك به صفوان وذهب به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمر بقطعه، فقال صفوان: ما أردت ذلك، فقال: "هلا قبل أن تأتيني به " (١). يعني لك أن تعفو عنه قبل ذلك، ولذلك قال العلماء: إذا رفع الحد إلى الإمام فإنه ينفذ وإنما تكون التوبة قبل ذلك (٢)، وعلى هذا


= وهو الأظهر- إنها تسقط ما كان حقًّا لله؛ لأن حقوق الله مبناها على المسامحة، وهو رواية عند الحنابلة.
انظر في مذهب الأحناف: "التجريد"، للقدوري (١١/ ٥٩٤٩)، وفيه قال: "قال أصحابنا: الحدود لا تسقط بالتوبة إلا قتل المرتد وحده، وحد قاطع الطريق إذا تاب قبل القدرة عليه. وقال الشافعي: يشبه أن يكون كل حق لله تعالى يسقط بالتوبة. لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- رجم ماعزًا، وأخبر عن توبته. ورجم الغامدية وقال: "لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لقبلت منه" وهذا يدل أن التوبة لا تسقط الحد".
وانظر في مذهب المالكية: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف "، للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٨٦٤)، وفيه قال: "التوبة لا تسقط الحدّ في الزنا والسرقة والقذف والشرب وسائر الحدود، خلافًا للشافعي في أحد قوليه؛ لقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ}، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} الآية، ولم يفرق".
وانظر في مذهب الشافعية: "المهذب"، للشيرازي (٣/ ٣٦٨)، وفيه قال: "فأما الحد الذي لا يختص بالمحاربة ينظر فيه فإن كان للآدمي وهو حد القذف لم يسقط بالتوبة لأنه حق للآدمي فلم يسقط بالتوبة كالقصاص وإن كان لله عزَّ وجلَّ وهو حد الزنا واللواط والسرقة وشرب الخمر ففيه قولان؛ أحدهما: أنه لا يسقط بالتوبة لأنه حد لا يختص بالمحاربة فلم يسقط بالتوبة كحد القذف والثاني: أنه يسقط وهو الصحيح ".
وانظر في مذهب الحنابلة: "الهداية على مذهب الإمام أحمد"، للكلوذاني (ص: ٥٤٢)، وفيه قال: "فإن تاب الزاني والسارق وشارب الخمر قبل أن يقام عليه الحدود فهل يسقط عنه الحد أم لا؟ على روايتين؛ إحداهما: تسقط الحدود بمجرد توبته ولا يعتبر مع ذلك إصلاح العمل، والثانية: لا يسقط ويكون من تمام توبته تطهره بالحد".
(١) أخرجه أبو داود (٤٣٩٤)، وغيره. وصححه الألباني في: "إرواء الغليل" (٢٣١٧).
(٢) وفي ذلك الحديث الذي أخرجه النسائي (٤٨٨٥). وحسنه الألباني في "صحيح الجامع " (٢٩٥٤). عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:=

<<  <  ج: ص:  >  >>