للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَشَاوَرَ عُمَرُ فِيهَا الصَّحَابَةَ) (١).

انقسموا العلماء إلى قسمين: فريق منهم - وهم الجمهور (٢) - قالوا: لا حد في التعريض، ويستدلون بالحديث الصحيح في قصة الرجل الذي جاء إلى رسول الله فقال: "يا رسول الله، إن امرأتي ولدت غلامًا أسود! " (٣) - يُعرِّض بنفيه - فلم يقم عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدًّا ولم يأمر بذلك، وأما الفريق الآخر - وهم مالك ومن معهم - فقالوا: إنه يُحَدُّ في التعريض، ويستدلون بقصة عمر - رضي الله عنه - في الرجلين اللذين اختصما، فقال أحدهما للآخر: "ما أبي بزانٍ ولا أمي بزانية"، فاستشار عمر - رضي الله عنه - الصحابة في ذلك فقالوا: "قد مدح أباه وأمه" فقال عمر - رضي الله عنه -: "لقد عرَّض به"، فأمر به فجُلد حد القذف (٤).

• قوله: (فَاخْتَلَفُوا فِيهَا عَلَيْهِ، فَرَأَى عُمَرُ فِيهَا الْحَدَّ. وَعُمْدَةُ مَالِكٍ أَنَّ الْكِنَايَةَ قَدْ تَقُومُ بِعُرْفِ العَادَةِ وَالاسْتِعْمَالِ الصَّرِيحِ).

وبعض النسخ فيها: "باستعمال الصريح"، وهو خطأ، والصحيح هو ما أُثبت، وهنا أيضًا سقط فتنبهوا لهذا.

• قوله: (وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ فِيهَا مُسْتَعْمَلًا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، أَعْنِي: مَقُولًا بِالاسْتِعَارَةِ).

فالكناية -كما هو معلوم- ليست صريحة الدلالة، ولكنها تحتمل، ولذلك فجمهور العلماء لا يعتدون بذلك، ورأيتم ما استدل الجمهور به ولم يذكره المؤلف، وهو قصة الذي عرَّض بامرأته بنفي الوالد عندما قال:


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/ ٥٠٠) عن عَمرة قالت: استبَّ رجلان، قال أحدهما: "ما أمي بزانية وما أبي بزانٍ"، فشاور عمر القوم، فقالوا: مدح أباه وأمه، فقال: "لقد كان لهما من المدح غير هذا" فضربه.
(٢) وهم الحنفية والشافعية والحنابلة، وتقدم مذهبهم.
(٣) سيأتي تخريجها.
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>