للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"ولدَتْ غلامًا" (١)، في بعض الروايات: "يخالف لون أبيه وأمه" (٢)، وتعلمون قصته - وهي أطول مما ذكرنا - فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سأله: "هل لك من إبل؟ "، قال: "نعم"، قال: "هل فيها من أورق؟ "، قال: "نعم"، قال: "وكيف أتاها ذلك؟ "، أو: "أين أتاها ذلك؟ "، قال: "لعله نزعه عِرق"، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ولعل ابنك هذا نزعه عِرق"، فانظروا كيف أجابه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكيف بيَّن له بالقياس التي انتهى به إلى أن طمأن نفسه، لكن الشاهد أنه جاء يُعرِّض بنفي الولد "ولدت غلامًا أسود يخالف لون أبيه وأمه" ولم يأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بجلده حدَّ الفرية.

• قوله: (وَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الاحْتِمَالَ الَّذِي فِي الاسْمِ الْمُسْتَعَارِ شُبْهَةٌ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ).

وهذه من الأدلة التي يُستدل بها؛ لأن هذه من الأمور التي ليست بصريحة، ولا يقام حد في أمر محتمل، وإنما الحدود دائمًا تقام فيما هو صريح، وقد رأينا أن العلماء أكثر عنايةً وتشددًا - كما مر بنا في حد الزنا -، فإنهم يتثبتون لذلك أكثر ويحتاطون له، وقد رأيتم ما مر في الشروط في الشهود وكذلك ما يتعلق بتعدد الإقرار.

• قوله: (وَالْحَقُّ أَنَّ الْكِنَايَةَ قَدْ تَقُومُ فِي مَوَاضِعَ مَقَامَ النَّصِّ، وَقَدْ تَضْعُفُ فِي مَوَاضِعَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكْثُرِ الاسْتِعْمَالُ لَهَا، وَالَّذِي يَنْدَرِئُ بِهِ الْحَدُّ عَنِ الْقَاذِفِ أَنْ يَثْبُتَ زِنَا الْمَقْذُوفِ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ).

وهذا بنص القرآن العزيز: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: ٤]، ووصف


(١) أخرجه البخاري (٥٣٠٥)، ومسلم (١٥٠٠). عن أبي هريرة، أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، ولد لي غلام أسود، فقال: "هل لك من إبل؟ "، قال: نعم، قال: "ما ألوانها؟ "، قال: حمر، قال: "هل فيها من أورق؟ "، قال: نعم، قال: "فأنى ذلك؟ " قال: لعله نزعه عرق، قال: "فلعل ابنك هذا نزعه عِرق".
(٢) لم أقف عليها بهذا اللفظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>