للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خصصت ذلك، فالأول خصَّصت أدلتهم تارك الصلاة بالقتل كفرًا، والثاني: خصَّصت أدلتهم تارك الصلاة بالقتل حدًّا.

ولا شكَّ أن الأمر خطير، وأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- واضحة، وتحذر من ترك الصلاة ومع ذلك فهناك مَن يعيشون بين أظهر المسلمين ويتساهلون في أمر الصلاة؛ فمنهم مَن يتركها تمامًا، ومنهم مَن يصليها أحيانًا، ويتركها أحيانًا، وهذا كله موجود ومنتشر في المجتمعات الإسلامية، ولا حول ولا قوة إلا باللّه، ولا ينبغي للمسلم أن يقع في هذا بعد أن يكلف وببلغ (١).

وكم رغَّب فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحضَّ أولياء الأمور على أن يعوِّدوا أبناءهم عليها، وقال: "مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي المَضَاجِعِ" (٢).

» قوله: (وَأَمَّا مَنْ قَالَ يُقْتَلُ حَدًّا فَضَعِيفٌ، وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ إِلَّا قِيَاسٌ شِبْهُ ضَعِيفٍ إِنْ أَمْكَنَ، وَهُوَ تَشْبِيهُ الصَّلَاةِ بِالقَتْلِ فِي كَوْن الصَّلَاةِ رَأْسَ المَأْمُورَاتِ، وَالقَتْلُ رَأْسَ المَنْهِيَّاتِ. وَعَلَى الجُمْلَةِ فَاسْمُ الكُفْرِ إِنَّمَا يُطْلَقُ بِالحَقِيقَةِ عَلَى التَّكْذِيبِ، وَتَارِكُ الصَّلَاةِ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُكَذِّبٍ إِلَّا أَنْ يَتْرُكَهَا مُعْتَقِدًا لِتَرْكهَا هَكَذَا).

من مسائل أصول الفقه الدقيقة: القياس، ويصعب الكلام فيها على


(١) وترك الصلاة ليس من خصال أهل الإيمان بحال؛ لأنه لا يتصور مؤمن لا يصلي! وقد ذكر الحافظ العراقي في أوائل كتابه "طرح التثريب" (١٥٠/ ٢) عن بعض علماء المغرب، فيما حكاه له صاحبه الشيخ الإمام أبو الطيب المغربي أنه تكلم يومًا في ترك الصلاة عمدًا، ثم قال: "وهذه المسألة مما فرضها العلماء ولم تقع؛ لأن أحدًا من المسلمين لا يتعمد ترك الصلاة، وكان ذلك العالم غيرَ مخالط للناس ونشأ عند أبيه مشتغلًا بالعلم من صغره حتى كَبِرَ ودرَّس فقال ذلك في درْسه".
(٢) أخرجه أبو داود (٤٩٥) وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (٥٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>