للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجيبون على أدلة الذين قالوا بكفره أن تارك الصلاة سُمِّي كافرًا؛ لأنه شابه الكافر في بعض أعماله، فتارك الصلاة يشبه الكافر في تركه للصلاة، والكافر يقتل وتارك الصلاة يقتل؛ فالتقى مع الكافر في هذا الحكم.

والكفر الحقيقي: هو الكفر المطلق المعروف الذي يخرج من الملة، ويحكم على مرتكبه بأنه مرتد، وليس هو الكفر المجازي، الذي لا يخرج من الملة، فهو كفر دون كفر؛ كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوق، وَقِتَالُهُ كفْرٌ" (١).

* ومن أدلة المذهب الثالث على عدم كفر تارك الصلاة، وعدم قتله:

حديث: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ، أَوْ زِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ" (٢).

وهذا الحديث ليس متفقًا عليه، ولكن الحديث المتفق عليه الذي لم يذكره المؤلف، وهو في معناه، قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِي مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ المُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ" (٣).

ووجه الاستدلال: أن تارك الصلاة ليس من هؤلاء الثلاثة؛ فيرى أصحاب هذا المذهب أن تارك الصلاة مرتكب لكبيرة؛ فلا يكفر ولا يقتل، وإنما يحبس ويعذَّر إلى أن يتوب ويعود إلى الصلاة أو يموت في سجنه؛ فحصروا القتل في هذه الأمور الثلاثة فقط.

لكن أصحاب المذهب الأول والثاني: كل منهما؛ يقوله: أن أدلتنا


(١) أخرجه البخاري (٤٨)، ومسلم (١١٦/ ٦٤) عن ابن مسعود.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري (٦٨٧٨)، ومسلم (٢٥/ ١٦٧٦) عن ابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>