للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول الله -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨].

ووجه الاستدلال: عموم الآية بالمغفرة لمن لم يشرك به، فيقولون: تارك الصلاة من غير عذر غير مشرك بالله، فهو مقِرّ بأن الصلاة واجبة؛ ولم ينكرها؛ فلو أنكرها لألحقناه بأولئك.

وحديث أبي هريرة، قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ" (١).

ووجه الاستدلال: أن الإخلاص في شهادة التوحيد تنجي في الآخرة، حتى وإن قصر في العمل!

لكن سؤال: تارك الصلاة هل يقول: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ؟!

ويستدلون بأدلة عدة صحيحة؛ كلها تدور حول هذا معنى.

- وأقوى أدلتهم في نظرهم: حديث عبادة بن الصامت المتفق عليه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ [فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ] كَتَبَهُنَّ (أي: أوجبهن) اللَّهُ عَلَى العِبَادِ مَنْ أَتَى بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ" (٢).

ووجه الاستدلال: أن المغفرة محتملة، وقالوا: الكافر لا يغفر له؛ فهذا دليل على أن تارك الصلاة تهاونًا ليس بكافر؛ لأنه قال: "إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ".


(١) أخرجه البخاري (٩٩).
(٢) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>