للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - له: "البينة أو حد في ظهرك"، ولكن الله -سبحانه وتعالى- {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٧) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (٨) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٩)} [النور: ٦ - ٩].

ولذلك لما جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورمى شريكًا أو رماه شريك بزنى، قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "البينة أو حد في ظهرك" (١)، وأخذ يكرر عليه ويقول له: "البينة أو حد في ظهرك" فكان يسأل الله تعالى ويقول: "سيبرئني الله" حتى نزلت تلك الآيات، أما الذين قالوا بأنه إذا رماه بكلمات قالوا: لأنه سمَّى ذكر كل واحد منهم، وهو حق لكل واحد منهم، فلا يسقط حقه إلا إذا عفا، فقاسوا ذلك على الديون بأنها لا تسقط إذا تعدَّد أصحابها، والقياس كذلك لا يسقط إلا بالعفو، فكذلك أيضًا القذف لا يسقط إلا بالعفو.

• قوله: (وَلَمْ يَحُدَّهُ لِشَرِيكٍ. وَذَلِكَ إِجْمَاعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِرَجُلٍ).

جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العَجْلانيُّ وهو أُحَيْمر سَبِط نِضْوُ الخَلْق، فقال: يا رسول الله، رأيت شَريك بن السَّحْماء، يعني ابن عمه وهو رجل عظيم الأليتين، أدعج العينين، حاد الخلق يصيب فلانة، يعني امرأته، وهي حبلى وما قربتها منذ كذا، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شريكًا فجحد، ودعا المرأة فجحدت، فلاعن بينها وبين زوجها وهي حبلى، ثم قال: "تبصروها، فإن جاءت به أدعج عظيم الأليتين فلا أراه إلا قد صدق عليها، وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة فلا أراه إلا قد كذب". فجاءت به أدعج عظيم الأليتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أمره لبيِّن لولا ما قضى الله" (٢).


(١) تقدم وهو الحديث السابق.
(٢) أخرجه الشافعي في: "مسنده" (ص ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>