للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجرَّات التي كانت تمتلئ بالخمور (١)، فلم ينظروا إلى أثمانها ولا إلى قيمها ولا ما دفعوا ولا ما خسروا فيها، بل ألقوها تسيل في الأسواق؛ لأنهم رأوا في ذلك طمأنينة لأنفسهم وسعادة قلوبهم، وهو أنهم نزلوا عند أمر الله سبحانه وتعالى وابتعدوا عن نهيه، وقد جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لعن الله الخمر ولعن شاربها ولعن ساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه" (٢)، وفي رواية أخرى: "وآكلَ ثمنها" (٣)، إذن، هذه أمور عشرة تتعلق بالخمر لعنها الله سبحانه وتعالى؛ لأنها رجس، ولعن شاربها؛ لأنه ارتكب حدًّا من حدود الله سبحانه وتعالى؛ لأنه مجاهر لله سبحانه وتعالى، ولعن ساقيها الذي يمد الناس فيسقيهم، ولعن بائعها الذي يبيعها للناس فيتسبب في شرب هذه الخمر، ولعن مبتاعها الذي يشتريها فيشربها، ولعن الذي يحملها فيوصلها إلى غيره ليشرب تلك الخمر، ولعن المحمولة إليه، ولعن عاصرها ومعتصرها وآكل ثمنها. إذن، ننتهي إلى أن الخمر محرمة في كتاب الله عز وجل، وتحريمها تحريم واضح الدلالة.

({ … إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)}) [المائدة: ٩٠ - ٩١].

وأما السُّنة، فالأحاديث كثيرة جدًّا، بلغت في مجموعها -كما قال العلماء- حدَّ التواتر، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام " (٤)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" (٥)، وقال: "ما أسكر


(١) أخرجه البخاري (٢٤٦٤)، ومسلم (١٩٨٠) عن أنس بن مالك، قال: كنت ساقي القوم يوم حُرمت الخمر في بيت أبي طلحة، وما شرابهم إلا الفضيخ: البسر والتمر، فإذا منادٍ ينادي، فقال: اخرج فانظر، فخرجتُ، فإذا منادٍ ينادي: "ألا إن الخمر قد حُرمت "، قال: فجُرَّت في سكك المدينة.
(٢) أخرجه الترمذي (١٢٩٥)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٣٨٥).
(٣) هي نفس رواية الترمذي السابقة.
(٤) أخرجه البخاري (٢٤٢)، ومسلم (٢٠٠١).
(٥) أخرجه الترمذي (١٨٦٥)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>