للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القصص التي وقعت بين الأوس والخزرج وفي قصة حمزة - رضي الله عنه - عندما عقر الإبل (١)، {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} فهل يجوز للمؤمن أن يكون بينه وبين أخيه المؤمن عداوة أو أن تنتشر بين المؤمنين البغضاء؟ الجواب: لا؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠]، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد" (٢)، لكن الشيطان يريد أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في أي شيء كالخمر والميسر، وهنا يأتي ما هو أخطر: {وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [لمائدة: ٩٠]، فهل يُرجى الإنسان فلاح وقد ابتعد عن ذكر الله تعالى وعن طاعته؟!

{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨)} [الرعد: ٢٨].

{وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ}، وقالوا: إنه عُرف بالتجربة أن الذي ينغمس في المسكرات فإن الصلاة تكون أهون ما يكون عليه.

{وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩٠].

ماذا كان جواب الصحابة - رضي الله عنهم -؟ انتهينا انتهينا، وقال العلماء إن قوله تعالى: [فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩٠]، هو أشد وأبلغ من قوله: انتهوا؛ لأنه جاء عن طريق الاستفهام، والذين سمعوا ذلك هم مِن أسرع الناس استجابة لأوامر الله تعالى ولأوامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولذلك ألقوا القِرب


(١) أخرجها البخاري (٢٣٥٧) ومسلم (١٩٧٩) عن علي بن أبي طالب، قال: "أصبت شارفًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مغنم يوم بدر، وأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شارفًا أُخرى، فأنختهما يومًا عند باب رجل من الأنصار، وأنا أريد أن أحمل عليهما إذخرًا لأبيعه، ومعي صائغ من بني قينقاع فأستعين به على وليمة فاطمة، وحمزة بن عبد المطلب يشرب في ذلك البيت، معه قينة تغنيه، فقالت: ألا يا حمز للشرف النواء، فثار إليهما حمزة بالسيف، فجَبَّ أسنمتهما، وبقَر خواصرهما، ثم أخَذ من أكبادهما.
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>