للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل هذا ضار وهذا نافع؟ يبدأ يتخبَّط في الكلام، والناس يختلفون في هذه الحالة.

قوله: (وَإِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى) (١).

وإذا هَذَى أصابه الهذيان والخلط في الكلام والاضطراب، يفتري على غيره افتراءً فقد يقذف غيره، وإذا قذف يكون حده حد الفرية، وحد الفرية ثمانون جلدةً، وهي التي نص الله تعالى عليها في كتابه، إذن انظروا إلى مخالَصة الصحابة - رضي الله عنهم -، وانظروا إلى عمقهم كيف كانوا يفهمون كتاب الله عز وجل وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله سبحانه وتعالى وهبهم عقولًا راجحة، وهبهم إخلاصًا لدين الله، وهبهم صفاءً في أذهانهم وفي عقولهم، ولو لم يكن من ذلك إلا صحبتهم لمحمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فهُم الذين تربَّوْا في مدرسته وأخذوا العلم صافيًا نقيًّا من مشكاة النبوة، لم تَشْبْهُ شائبةٌ ولم يخالطه إشكال، إذن هم تلاميذ محمد بن عبد الله، وتربوا في مدرسته وتخرجوا في جامعته، ولذلك قال: كان الصحابي الملهَم عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "مَن كان مستنًّا فليستَنَّ بمن مات؛ فإن الحيَّ لا تؤمَن عليه الفتنة" (٢)، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قد كانوا أبَرَّ الأمة قلوبًا وأعمقَها عِلمًا وأقلَّها تكلُّفًا، قوم اختارهم الله تعالى لنبيه فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم، في أثرهم فيا سعادة مَن إذا تردَّد في أمر من الأمور رجع إلى ما كان عليه الصحابة، وترون كثيرًا من المشكلات والبدع والخرافات التي يقع فيها بعض المؤمنين -وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا- لو أنهم عادوا إلى ما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم -، فهم خير من يُقتدى بهم، بل نحن مأمورون بأن نقتدي بهم وننظر كيف كانوا يتعاملون مع تلك الأمور إذا لم نجد ذلك في الكتاب العزيز ولا في السنن فيُرجَع إلى الصحابة: هل فعلوا ذلك الفعل أو لم يفعلوه؟ الجواب: لم يفعلوه، بل بعضها حذَّروا منها، إذن فلا يذهب بعضُ الناس إلى التوسل بالأموات؛ لأن هذا شرك، كان الصحابة - رضي الله عنهم - يذهبون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويستسقون به، ولمَّا


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه أبو داود في الزهد (ص ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>