للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فَأَمَّا السَّرِقَةُ فَهِيَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ مُسْتَتِرًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْتَمَنَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا؛ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخِيَانَةِ وَلَا فِي الِاخْتِلَاسِ قَطْعٌ إِلَّا إِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّهُ أَوْجَبَ فِي الْخِلْسَةِ الْقَطْعَ، وَذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-).

معنى السرقة: أخذ المال على وجه الخفية والاستتار (١).

ومنه: استراق السمع، ومسارقة النظر، إذا كان يستخفي بذلك، فإن اختطف أو اختلس، لم يكن سارقًا، ولا قطع عليه عند أحد غير إياس بن معاوية (٢)، قال: أقطع المختلس؛ لأنه يستخفي بأخذه، فيكون سارقًا، وأهل الفقه جميعًا على خلافه.

(وَأَوْجَبَ أَيْضًا قَوْمٌ الْقَطْعَ عَلَى مَنِ اسْتَعَارَ حُلِيًّا أَوْ مَتَاعًا، ثُمَّ جَحَدَهُ؛ لِمَكَانِ حَدِيثِ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الْمَشْهُورِ أَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْحُلِيَّ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَهَا لَوْضِعِ جُحُودِهَا. وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ (٣)


(١) يُنظر: "الموسوعة الفقهية الكويتية" (١٩/ ٢٢٠)؛ حيث فيها: "اتفق الفقهاء على أن الأخذ على سبيل الاستخفاء ركن من أركان السرقة الموجبة للحد. فقد عرَّفوا السرقة بأنها: أخذ العاقل البالغ نصابًا محرزًا ملكًا للغير لا شبهة فيه على وجه الخفية".
(٢) أخرج ابن أبي شيبة (٢٨٦٦٥): عن قتادة: أنَّ غلامًا اختلس طوقًا فرفع إلى عدي بن أرطاة، فسأل الحسن عن ذلك، فقال: لا قطع عليه، وسأل عن ذلك إياس بن معاوية فأمر بقطعه، فلما اختلفا كتب في ذلك إلى عمر بن عبد العزيز فكتب إلية عمر: "إن العرب كانت تدعوها عدوة الظهيرة، لا قطع عليه، ولكن أوجع ظهره، وأطل حبسه ".
(٣) يُنظر: "مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله" (ص: ٤٢٩)؛ حيث قال: "سمعت أبي سُئل عن المستعير إذا جحد، قال: إذا استعار ثم جحد ثم أقرَّ قطعه على الحديث، وفيما قرأت على أبي قلتُ: تذهبُ إلى حديث عمر أنَ امرأة كانت تستعير المتاع فقطعها النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لا أعلم شيئاً يدفع هذا، قلتُ لأبي: وهو عندك بمنزلة السارق؟ قال: لما أَن اخذت وجحدت فقطعها النبي - صلى الله عليه وسلم - ".

<<  <  ج: ص:  >  >>