للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِسْحَاقُ (١). وَالْحَدِيثُ حَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- بِقَطْعِ يَدِهَا، فَأَتَى أُسَامَةَ أَهْلُهَا فَكَلَّمُوهُ، فَكَلَّمَ أُسَامَةُ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- (٢)، فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: يَا أُسَامَةُ، لَا أَرَاكَ تَتَكَلَّمُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ! ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- خَطِيبًا، فَقَالَ: "إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُ إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ لَقَطَعْتُهَا" (٣)).

قد اختلفت الرواية، في هذه المسألة عن أحمد، في جاحد العارية، فعنه: عليه القطع. وهو قول إسحاق؛ للحديث الذي ذكره المؤلف، قال أحمد: لا أعرف شيئًا يدفعه. وعنه: لا قطع عليه (٤).

(وَرَدَّ الْجُمْهُورُ هَذَا الْحَدِيثَ؛ لأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلأُصُولِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعَارَ مَأْمُونٌ، وَأَنَّهُ يَأْخُذْ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَضْلًا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حِرْزٍ، قَالُوا: وَفِي الْحَدِيثِ حَذْفٌ، وَهُوَ أَنَّهَا سَرَقَتْ مَعَ أَنَّهَا جَحَدَتْ (٥). وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ


(١) يُنظر: "الجامع لعلوم الإمام أحمد -الفقه" (١٢/ ٢٧٢)؛ حيث قال: "قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ: امرأةٌ استعارت شيئًا كاذبة، فكتمته؟ قال: إن المعنى: إنها كانت تستعير وتجحد، ولا أعلم شيئًا يدفعه. قال إسحاق: كما قال: تُقطع يدها. "مسائل الكوسج" (٢٤١٤) ".
(٢) أخرجه مسلم (١٦٨٨).
(٣) أخرجه البخاري (٣٤٧٥، ٦٧٨٨)، ومسلم (١٦٨٨).
(٤) سبق العزو.
(٥) يُنظر: "معالم السنن" للخطابي (٣/ ٣٠٨)؛ حيث قال: "قولها: التي سرقت يفصح بالسرقة ويصرح بذكرها، ويثبت أنها سبب القطع لا جحد العارية وإنما ذكرت الاستعارة والجحد في هذه القصة تعريفًا لها بخاص صفتها إذ كانت كثيرة الاستعارة حتى عرفت بذلك كما عرفت بأنها مخزومية إلّا أنها لما استمر بها هذا الصنع ترقت إلى السرقة وتجرأت حيث سرقت فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطعها.
وقد روى مسعود بن الأسود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الخبر قال: سرقت قطيفة من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.=

<<  <  ج: ص:  >  >>