للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَاتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِالْحِرْزِ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ سُمِّيَ مُخْرِجًا لِلشَّيْءِ مِنْ حِرْزِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ دَاخِلَ الْحِرْزِ أَوْ خَارِجَهُ. وَإِذَا تَرَدَّدَتِ التَّسْمِيَةُ وَقَعَ الْخِلَافُ مِثْلَ اخْتِلَافِ الْمَذْهَبِ إِذَا كَانَا سَارِقَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: دَاخِلَ الْبَيْتِ، وَالآخَرُ: خَارِجَهُ. فَقَرَّبَ أَحَدُهُمَا الْمَتَاعَ الْمَسْرُوقَ إِلَى ثُقْبٍ فِي الْبَيْتِ فَتَنَاوَلَهُ الآخَرُ، فَقِيلَ: الْقَطْعُ عَلَى الْخَارجِ الْمُتَنَاوِلِ لَهُ، وَقِيلَ: لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقِيلَ: الْقَطْعُ عَلَى الْمُقَرِّبِ لِلْمَتَاعِ مِنَ الثُّقْبِ. وَالْخِلَافُ فِي هَذَا كُلِّهِ آيِلٌ إِلَى انْطِلَاقِ اسْمِ الْمُخْرِجِ مِنَ الْحِرْزِ عَلَيْهِ أَوْ لَا انْطِلَاقِهِ. فَهَذَا هُوَ القَوْلُ فِي الْحِرْزِ وَاشْتِرَاطِهِ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ، وَمَنْ رَمَى بِالْمَسْرُوقِ مِنَ الْحِرْزِ، ثُمَّ أَخَذَهُ خَارجَ الْحِرْزِ، قُطِعَ. وَقَدْ تَوَقَّفَ مَالِكٌ فِيهِ إِذَا أُخِذَ بَعْدَ رَمْيِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: " يُقْطَعُ ").

قالوا: لا بد من إخراج المتاع من الحرز؛ للإجماع على اشتراطه، فمتى أخرجه من الحرز، وجب عليه القطع، سواء حمله إلى منزله، أو تركه خارجا من الحرز، وسواء أخرجه بأن حمله، أو رمى به إلى خارج الحرز، أو شد فيه حبلا ثم خرج فمده به، أو شده على بهيمة ثم ساقها به حتى أخرجها، أو تركه في نهر جار، فخرج به، ففي هذا كله يجب القطع؛ لأنه هو المخرج له، إما بنفسه، وإما بآلته، فوجب عليه القطع، كما لو حمله، فأخرجه، وسواء دخل الحرز فأخرجه، أو نقبه ثم أدخل إليه يده أو عصا لها شجنة فاجتذبه بها. وبهذا قال الشافعي.

وقال أبو حنيفة: لا قطع عليه، إلا أن يكون البيت صغيرًا لا يمكنه دخوله؛ لأنه لم يهتك الحرز بما أمكنه، فأشبه المختلس. ولنا أنه سرق نصابًا من حرز مثله، لا شبهة له فيه، وهو من أهل القطع، فوجب عليه، كما لو كان البيت ضيقًا، ويخالف المختلس، فإنه لم يهتك الحرز. وإن رمى المتاع، فأطارته الريح فأخرجته، فعليه القطع؛ لأنه متى كان ابتداء

<<  <  ج: ص:  >  >>