للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَعَلَى أَنَّهَا تَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْحُرِّ).

وهذه مسألة فيها خلاف بين العلماء، ولم يشر إليها المؤلف، فهم متفقون على أنها تثبت بالإقرار، لكن كم عدد الإقرار؟ هل تثبت بإقراره مرة أو أكثر؟ لو نظرنا إلى اختلافهم أيضًا في جريمة الزنا: هل تثبت بالإقرار مرة واحدة أو لا بد من أربع مرات؟ رأينا أن من العلماء (١) من قال: تثبت بمرة، ومنهم من قال (٢): لا تثبت إلا بإقرار أربع مرات، وهؤلاء يستدلون بقصة ماعز (٣) عندما كرَّر عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسأله عدة مرات وكان آخرها تلك الرابعة، وذكرنا قصة أبي بكر (٤)، وأنه كان في مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال له: " إذا كررتَ الرابعة أقام عليك


(١) وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية.
يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (٩/ ١٨٢) حيث قال: " وإذا أقر السارق بالسرقة مرة واحدة قطعت يده في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ".
ويُنظر: " حاشية العدوي على كفاية الطالب " (٢/ ٣٣٤) حيث قال: " (ومن أقر بسرقة قطع) ما لم يكن مكرهًا ويكفي في الإقرار مرة واحدة ".
ويُنظر: " الحاوي الكبير " للماوردي (١٣/ ٣٣٢) حيث قال: " ويكون إما بإقرار أو بينة، فإن كان بإقرار حكم عليه بالسرقة بإقرار مرة واحدة ".
(٢) القول الثاني هو أنها تثبت بإقرار مرتين لا أربعة، وهو مذهب الحنابلة، يُنظر: " المستوعب " للسامري (٢/ ٦٦٧) حيث قال: " فإن أقر بالسرقة مرة واحدة لزمه ضمان المال، ولا يلزمه الحد حتى يقر مرتين ".
(٣) أخرجه مسلم (١٦٩٥) عن بُريدة قال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي، فقال: يا رسول الله، طهِّرني. فقال: " ويحك، ارجع فاستغفر الله وتب إليه ". قال: فرجع غير بعيد، ثم جاء، فقال: يا رسول الله، طهرني. فقال رسول الله: " ويحك، ارجع فاستغفر الله وتب إليه ". قال فرجع غير بعيد، ثم جاء، فقال: يا رسول الله، طهرني. فقال النبي: مثل ذلك حتى إذا كانت الرابعة، قال له رسول الله: " فيم أطهرك؟ " فقال: من الزنى. فسأل رسول الله: " أبهِ جنون؟ " فأُخبر أنه ليس بمجنون. فقال: " أشرب حْمرًا؟ " فقام رجل فاستَنكَهَه، فلَم يجد منه ريح خمر. فقال رسول الله: " أزنيتَ؟ " فقال: نعم. فأمر به فرُجم.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (٦/ ٥٥١) عن أبي بكر قال: أتى ماعز بن مالك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأقر عنده ثلاث مرات فقلت: إن أقررت عنده الرابعة، فأمر به فحبس، يعني ترجم.

<<  <  ج: ص:  >  >>