للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطلق على السجن. وقال بعضهم: يُضيَّق عليه حتى يحس بالألم لعلَّه يرجع ويرتدع.

وَقَالَ مَالكٌ (١): النفي أن يُخْرج من بلده إلى بلدٍ آخر، ويسجن في البلد الآخر إلى أن يتوبَ إلى الله، فيتوب الله عليه، فعلى هذا القول يُغرَّب ويُسْجن.

وقال ابن الماجشون (٢): معنى النفي هو فرارهم من الإمام لإقامة الحَدِّ عليهم، فأما أن يُنْفى بعد أن يقدر عليه فلا، وهذا بعيدٌ؛ لأنَّ القصد العقوبة على ما ارتكبوه من إخَافَة الناس.

وقيل: {يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٣]، أيْ: من أرض الإسلام إلى أرض الحَرب، وألْمَحَ المؤلف إلى ضعف هذا القول؛ لأنَّ المرَاد العقوبَة والتَّنكيل، أمَّا نفيه إلى بلاد الكفر، فهَذا لا يصلحه، والمقصود إنما هو إصلاحه لا الإضرار به.

* قوله: (فَسَوَّى بَيْنَ النَّفْيِ وَالقَتْلِ)، كما في العقوبة على جريمة الزنا، ولكن ينظر الإمام إلى المصلحة فيما يتعلق بالنفي وما يترتب عليه، فعمر - رضي الله عنه - لما نفى ربيعة بن أمية بن خلف - ولم يكن في حد الزنا - نفاه فارتد ولحق بالعدو، فتوقف عمر عن هذا الأمر (٣).


= الحبس في بلده لا في غيرها خلافًا لمالك (قوله: وهو المراد بالنفي في الآية)؛ لأن النفي من جميع الأرض محالٌ، والى بلد أُخرى فيه إيذاء أهلها، فلم يبِق إلا الحبس، والمحبوسُ يسمى منفيًّا من الأرض؛ لأنه لا ينتفع بطيبات الدنيا ولَذَّاتها، ولا يجتمع بأقاربه وأحبابه.
(١) يُنظر: " الشرح الكبير " للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٤/ ٣٤٩) حيث قال: " (أو) (ينفى) الذكر (الحر) البالغ العاقل (كالزنا) في مسافة البعد كفدك وخيبر من المدينة، ولكنه يسجن هنا حتى تظهر توبته أو يموت ".
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه النسائي (٥٦٧٦) عن سعيد بن المسيب، قال: غرب عمر - رضي الله عنه - ربيعة بن أمية في الخمر إلى خيبر، فلحق بهرقل فتنصَّر، فقال عمر - رضي الله عنه -: " لا أُغرِّب بعده مسلمًا "، وضعَّفه الأَلْبَانيُّ في " ضعيف النسائي " (٥٦٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>