للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ تَكُونَ لَهُ فِئَةٌ. وَالثَّالِثُ: كيْفَمَا كَانَتْ، لَهُ فِئَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ، لَحِقَ بِدَارِ الحَرْبِ أَوْ لَمْ يَلْحَقْ).

والقول الثالث هو الأشهر، وهذا الخلافُ مبنيٌّ على اختلافهم فيما لَوْ خرج عَددٌ قليلٌ، هل يعدُّون من البغاة أو لا بدَّ أن يكون عَددُهُم كبيرًا.

* قوله: (وَاخْتُلِفَ فِي المُحَارِبِ إِذَا امْتَنَعَ، فَأَمَّنَهُ الإِمَامُ عَلَى أَنْ يَنْزِلَ - فَقِيلَ: لَهُ الأَمَانُ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّ الحِرَابَةِ. وَقِيلَ: لَا أَمَانَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُؤَمَّنُ المُشْرِكُ، وَأَمَّا مَا تُسْقِطُ عَنْهُ التَّوْبَةُ، فَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّ التَّوْبَةَ إِنَّمَا تُسْقِطُ عَنْهُ حَدَّ الحِرَابَةِ فَقَطْ، وَيُؤْخَذُ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ اللهِ، وَحُقُوقِ الآدَمِيِّينَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ)؛ لِأنَّ هَذَا الذي خَرَج قد يرتكب أمورًا غير الحرابة، فقد يسرق، أو يَزْنِي، أو يشرب الخمر، فاختَلفَ العلماء: هل يؤاخذ بهذه الأشياء أم أنها تسقط عنه؟

فذَهَب مالكٌ (١) رَحَمِهُ اللهُ إلى أنه يسقط عنه حد الحرابة، ويؤاخذ بغيره.

* قَوْله: (وَالقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ التَّوْبَةَ تُسْقِطُ عَنْهُ حَدَّ الحِرَابَةِ وَجَمِيعَ


(١) يُنظر: " شرح مختصر خليل " للخرشي (٢/ ٢٠٤) حيث قال: " وسقط حدُّها بإتيان الإمام طائعًا، أو ترك ما هو عليه؛ لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٣٤]، فلا يَسْقط حدها بتأمين الإمام، إذ لا يجوز له تأمينه وإن جاز له تأمين الكافر؛ لأن الكافر يقر على حاله بالتأمين، وتترك أموال المسلمين بيده، ولم يقل أحدٌ بجواز ذلك للمحارب، ومفهوم قوله: من ذلك أن حقوق العباد لا تسقط عن المحارب بتوبته، بل تؤخذ منه، ولذا قال: (وأخذ) بالبناء للمجهول ونائب الفاعل الضمير المستتر العائد على المحارب (بحقوق الناس من مال أو دم) تعلق به زمن حرابته، ومثله حقوق الله سوى عقوبة الحرابة؛ كأن شرب خمرًا أو زنى وهو محارب، فإنه يُسْتوفَى منه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>