للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الأَحْكَامِ إِنْ أُخِذَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الإِمَامُ، وَتَحْصِيلُ ذَلِكَ هُوَ أَنَّ تَوْبَتَهُ قِيلَ: إِنَّهَا تَكُونُ بِأَنْ يَأْتِيَ الإِمَامَ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ).

هَذِهِ كلُّها اجتهاداتٌ من العلماء، فبَعْضهم يرى أن المقصود هو التوبة، وقَدْ ذكرت في الآية مطلقةً: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [المائدة: ٣٤]، فلم تُقيَّد بأمرٍ من الأمور، ومن أهل العلم مَنْ أخذ بالحيطة، وقال: ينبغي أن يذهب إلى الإمام، فيعلن توبته حتى يتحقق من ذلك، ويعلم صدقه.

* قوله: (وَقِيلَ: إِنَّهَا تَكُونُ إِذَا ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ قَبْلَ القُدْرَةِ فَقَطْ، وَقِيلَ: تَكُونُ بِالأَمْرَيْنِ جَمِيعًا).

وَهذَا الأخيرُ هُوَ قول الحنابلة (١)، واشتَرطوا أن تمضي على التوبة مُدَّةٌ لاختباره، وَهُوَ شَرطٌ أيضًا عند الشافعيَّة (٢)، وَقَيَّدها أكثر الشافعيَّة (٣) بمُضىِّ سَنَةٍ، كمَا سبق بيانه.

* قوله: (وَأَمَّا صِفَةُ المُحَارِبِ الَّذِي تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهَا أَيْضًا عَلَى ثَلَاثَةِ؛ أَقْوَالٍ (٤) أَحَدُهَا: أَنْ يَلْحَقَ بِدَارِ الحَرْبِ. وَالثَّانِي:


(١) يَعْني أنَّ مجرَّد التوبة قبل القدرة كافٍ في إسقاط الحدِّ، وتقدم ذلك.
(٢) يعني أنَ بعض الشافعية اكتفَوا في إسقاط الحدِّ بمجرد التوبة، وتقدم.
(٣) تقدم أن المشهور عند الشافعية عدم وضع حدٍّ معين للتوبة.
(٤) الظاهر أن الخلاف في المذهب المالكي، فقد ذكر الكلام ابن رشد الجد في " المقدمات الممهدات " (٣/ ٢٣٥) في سياق الخلاف في المذهب، فقال: " ثم اختلف هؤلاء في صفة المحارب الذي تُقْبل منه التوبة على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لا تُقْبل منه إلا أن يخرج في حرابته من دار الإسلام ويلحق بدار الحرب.
والثاني: أنها لا تُقْبل منه إلا أن يكون قد لحق بدار الحرب أو كانت له فئة في بلد الإسلام وإنْ لم يلحق بدار الحرب.
والثالث: أنها تُقْبل منه في جميع الأحوال؛ كان وحده لا فئة له، أو كانت له فئة ولم يلحق بدار الحرب أو كان قد لحق في حرابته بدار الحرب ".

<<  <  ج: ص:  >  >>