للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصلاه واجبة خلف كل إمام؛ برًّا كان أو فاجرًا " (١).

وَهؤلاء الذين عَنَاهم المؤلف بقوله: " المحاربين على التأويل هُمُ الَّذين عَنَاهم اللهُ بقولِهِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩)} [الحجرات: ٩].

فَاللهُ تَعَالَى لم يَسْلبهم اسمَ الإيمان، فلَا يزالون مسلمين، لكن الله تعالى أباح للإمام قتالهم؛ لأنهم تعدوا وخرجوا على الإمام، فجاز قتالهم كما فعل عَليٌّ - رضي الله عنه - (٢)، ثمَّ إذا أفاؤوا (أيْ: رَجعوا إلى الله تعالى وتابوا)، فإنهم يُتْركون، ولا يُتَّبعون، أي: لا يُعَاملون معاملة الكفار بأنْ تُسْبى نساؤهم، وتُؤْخذ أموالهم إلى غير ذلك.

وقَدْ حذَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخروج على ولاة الأمر، فقال: " من بايع إمامًا، فأعطاه صفقة يده (أي: بايعه) وثمرة قلبه (أي: أعلن البيعة)، فليطعه إن استطاع، (أي: قدر استطاعته)، فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا عنق الآخر " (٣)، فإذَا ما ثبتت بيعة الإمام، وجبت طاعته؛ لأن الله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: " ستكون هنات وهنات، ألا ومَنْ خرج على أمتي وأمرهم


(١) يُنظر: " شرح الطحاوية " لابن أبي العز (٢/ ٥٢٩ - ٥٣١) حيث قال: " قوله: (ونرَى الصلاة خلف كل برٍّ وفاجر من أهل القبلة، وعلى مَنْ مات منهم). قال - صلى الله عليه وسلم -: " صلوا خلف كل برٍّ وفاجرٍ "، وفي " صحيح البخاري ": أن عبدَ الله بن عمر - رضي الله عنهما - كان يصلي خلف الحجَّاج بن يُوسُف الثقفي، وكذا أنس بن مالك، وكان الحجاج فاسقًا ظالمًا ".
(٢) كما في معركة النهروان والتي كانت سنة (٣٨ هـ). يُنظر: " تاريخ الإسلام " للذهبي (٣/ ٥٨٨) حيث قال: " وفيهَا سَارت الخوارج لحرب عليٍّ، فكانت بينهم (وقعة النهروان)، وكان على الخَوَارج عبد الله بن وهب السبائي، فهزمهم عليٌّ وقتل أكثرهم، وقتل ابن وهب. وقتل من أصحاب عليٍّ اثنا عشر رجلًا ".
(٣) أخرجه مسلم (١٨٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>